أمريكا على صفيح ساخن: احتجاجات واسعة ضد سياسات ترامب وموسك تهزّ الساحة السياسية

في مشهد سياسي غير مسبوق، تشهد الولايات المتحدة موجة احتجاجية واسعة النطاق، تداخلت فيها السياسة مع الاقتصاد، وبرز فيها الدور المحوري لكل من الرئيس السابق دونالد ترامب والملياردير إيلون موسك، في قيادة تحولات حكومية أثارت الجدل. هذه الاحتجاجات، التي تتوزع على أكثر من 1,200 مظاهرة في مختلف الولايات، تأتي في ظل إجراءات تقشفية أثارت قلق قطاعات واسعة من الشعب الأمريكي، وسط تخوفات من انهيار الخدمات الأساسية وتهديد الحقوق المدنية.
مظاهرات “ارفعوا أيديكم”: غضب شعبي متصاعد ضد تقليص النفقات
انطلقت الحركة الاحتجاجية تحت شعار “ارفعوا أيديكم”، بتنظيم أكثر من 150 مجموعة من منظمات المجتمع المدني، والنقابات، والمحاربين القدامى، والناشطين الحقوقيين. هذه المظاهرات تستهدف السياسات التي أدت إلى فصل آلاف الموظفين الفيدراليين وإغلاق مؤسسات حيوية كإدارة الضمان الاجتماعي، ضمن خطة لخفض الإنفاق الحكومي.
تشمل الاحتجاجات مدناً كبرى والمول الوطني بواشنطن، وتُعدّ بمثابة رسالة حاسمة ضد اتجاهات تقليص الدولة، وتعبيراً عن القلق من التأثير السلبي لهذه السياسات على الفئات الضعيفة.
إجراءات إدارة ترامب: إعادة تشكيل الدولة أم هدم مؤسساتها؟
في قلب هذه العاصفة، تأتي قرارات إدارة ترامب التي أطلقت شرارة الغضب، بدءاً من فصل الموظفين، مروراً بإغلاق الفروع الحكومية، وصولاً إلى تقليص التمويل للبرامج الصحية والاجتماعية. يرى المنتقدون أن هذه الخطوات تهدد بتعميق الفجوة الاجتماعية وتقويض النظام الصحي، وسط تحذيرات من انهيار الخدمات العامة.
إيلون موسك ودائرة كفاءة الحكومة: إصلاح أم خصخصة مقنّعة؟
بدوره، يبرز إيلون موسك كعنصر فاعل في هذا التحول، حيث يتولى قيادة وزارة جديدة تُعرف بـ”دائرة كفاءة الحكومة”، مدّعياً أنه يوفر مليارات الدولارات من خلال تحسين الأداء الإداري. لكن الخطوة أثارت تساؤلات واسعة حول نوايا الخصخصة وتضييق نطاق الدولة، في ظل تساؤلات حول مدى تماشي هذه التغييرات مع متطلبات العدالة الاجتماعية.
البيت الأبيض يرد: حماية الضمان الاجتماعي أم دعاية سياسية؟
في مواجهة الانتقادات، أصدر البيت الأبيض بياناً يؤكد التزامه بحماية برامج “ميد كير” و”ميد كيد”، معتبراً أن هذه البرامج تمثل أولوية قصوى. إلا أن المعارضين يرون أن ما يُقدَّم من ضمانات لا يعكس حقيقة التوجهات الاقتصادية، وأن التغييرات الحالية قد تؤدي إلى تراجع نوعية الخدمات المقدمة لكبار السن والفئات الأكثر احتياجاً.
انقسام سياسي عميق: إلى أين تتجه أمريكا؟
الوضع الراهن يعكس صراعاً حاداً بين رؤى مختلفة حول شكل الدولة ومستقبلها، بين من يدعم تقليص الإنفاق ويرى فيه إصلاحاً ضرورياً، ومن يعتبره تهديداً حقيقياً للعدالة الاجتماعية. وفي ظل هذه الاحتجاجات والتغييرات، يتوجب على صناع القرار في أمريكا مواجهة التحدي الأكبر: كيف يمكن الحفاظ على كفاءة الدولة دون المساس بحقوق المواطنين الأساسية؟