المسرح يصنع الإنسان: كيف يُشكّل الوقوف على الخشبة وعي الشباب وثقتهم بأنفسهم؟
المسرح ليس خشبة… بل مختبر لبناء الشخصية
قد يبدو المسرح للبعض مجرد مساحة للأداء التمثيلي، لكنه في الحقيقة أداة عميقة للتكوين الشخصي والاجتماعي. بالنسبة للشباب، يمثل المسرح منصة للتعبير، وساحة للتعلم، وبيئة لاكتشاف الذات. إنّه تدريبٌ عملي على الحياة، لا يقدّمه أي منهاج مدرسي.
تجاوز الخوف وبناء الثقة بالنفس
أحد أبرز المكاسب التي يمنحها المسرح للشباب هو كسر جدار الخجل. فالتواجد على الخشبة يفرض نوعًا من التحدي الداخلي، يتطلب المواجهة، وضبط النفس، والسيطرة على الصوت والجسد.
بمرور الوقت، ومن خلال التمارين والمشاركات المتكررة، تترسخ الثقة بالنفس، ويصبح الشاب قادرًا على التعبير بوضوح، والوقوف بثبات أمام الجمهور أو في الحياة العامة.
المهارات الناعمة تبدأ من خشبة المسرح
في كل تمرين مسرحي، يكتسب الشباب مهارات ناعمة لا تُقدّر بثمن: الالتزام بالمواعيد، العمل ضمن فريق، احترام آراء الآخرين، التعامل مع الضغوط، والتواصل الفعّال.
هذه المهارات، التي أصبحت اليوم مطلبًا أساسيًا في سوق العمل، يتعلمها الشباب تلقائيًا من خلال تجربة العمل المسرحي، دون تلقين أو فرض، بل من خلال الممارسة والتفاعل الجماعي.
دواء نفسي للعزلة والانطواء
في زمن تغلب فيه الشاشات والعزلة الرقمية، يمنح المسرح للشباب مساحة تفاعلية حقيقية. هو بيئة حيّة، تُعزز الروابط الاجتماعية، وتُعيد بناء علاقة الفرد بمحيطه.
فالعروض المسرحية لا تُنتج في فراغ، بل هي ثمرة عمل جماعي يعلّم الحوار، والاحتواء، والتسامح. هذه الجوانب تساهم في تحسين الصحة النفسية، وتعزيز التوازن العاطفي لدى المشاركين.
المسرح ليس ترفًا ثقافيًا… بل حاجة تربوية
للأسف، يُنظر في بعض المؤسسات إلى المسرح كـ “نشاط لا منهجي”، لكن الواقع يؤكد أن المسرح هو أحد أقوى الأدوات التربوية في بناء شخصية الإنسان.
هو يعلّم الشاب كيف يصغي، يتحدث، يعبر، ويفهم، بل وكيف يُبادر ويؤثر. في كل تجربة مسرحية، يُعاد تشكيل الذات، وتنمو الشخصية بثقة وقدرة على خوض الحياة بتوازن ووعي.