اعلان

تقرير كارتي | تحليل سوق السيارات السعودي في الشرق الأوسط – فبراير 2025

تم نشر هذا المقال بواسطة كارتي

تُعَد المملكة العربية السعودية من أبرز أسواق السيارات في منطقة الشرق الأوسط، وتشهد هذه الصناعة تحولات كبيرة في ظل تزايد الطلب وتنوّع تفضيلات المستهلكين. استنادًا إلى تقرير سوق السيارات السعودي لشهر فبراير 2025 الصادر عن منصة كارتي، المتخصصة في تقديم خدمات متكاملة لعشاق السيارات في العالم العربي (من أبرزها الأخبار اليومية، والمعلومات التفصيلية لعملية الشراء، وخدمات صيانة السيارات)، يتضح أن العلامات التجارية اليابانية والكورية تستحوذ معًا على أكثر من 50% من إجمالي الحصة السوقية في هذا الشهر. وتحتل شركتا تويوتا وهيونداي الصدارة في قائمة المبيعات، في حين أن أكبر خمس علامات صينية مجتمعة لا تزيد حصتها على 5.3%، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها الشركات الصينية في التوسع ونيل ثقة المستهلك السعودي.

في ظل هيمنة المركبات التي تعتمد على الوقود التقليدي (والتي تشكل حوالي 93.3% من إجمالي المبيعات)، يبرز الطلب المتزايد على السيارات العائلية ذات المساحات الواسعة. كما تزداد أهمية الميزات الذكية والأنظمة المتطورة داخل السيارة، ممّا يطرح سؤالًا هامًا: كيف يمكن للعلامات الصينية اختراق سوق يسيطر عليه اليابانيون والكوريون، وتلبية احتياجات المستهلك السعودي في فئات مثل سيارات السيدان الاقتصادية والـSUV ذات المقاعد السبعة، بالإضافة إلى توفير خدمات مابعد البيع بشكل يتناسب مع التوقعات المحلية؟

ads

يقدم هذا التقرير رؤية شاملة لاتجاهات السوق من ثلاثة محاور رئيسية: هيكل العلامات التجارية المتنافسة، توزيع الفئات السعرية، وسلوك عمليات البحث لدى المستهلكين، بهدف تقديم رؤى استراتيجية تساعد العلامات الصينية على تأسيس حضور تنافسي في السوق السعودي.

1- هيكل العلامات التجارية في السوق السعودي

يمكن تقسيم سوق السيارات السعودي حاليًا إلى ثلاث مجموعات رئيسية من العلامات التجارية:

  1. العلامات الراسخة
    تشتمل هذه الفئة على الماركات اليابانية والكورية التي تتمتع بحضور طويل الأمد وسجل حافل بالموثوقية. إذ حافظت هذه العلامات على حصصها السوقية عبر سنوات متواصلة، مستفيدةً من شبكات وكلاء متنوعة وخدمات ما بعد البيع القوية. ويرجع كثيرٌ من المستهلكين السعوديين إلى الاعتماد عليها نتيجة ثقتهم الكبيرة بتاريخها الطويل في تقديم سيارات تتمتع بجودة عالية واستقرار في الأداء.
  2. اللاعبون الجدد
    تضم هذه الفئة علامات طُرحت في السوق السعودي قبل فترة قصيرة نسبيًا، وتمكنت من تحقيق زخم سريع بفضل إطلاق طرازات مبتكرة وجذابة، بالإضافة إلى الحملات التسويقية المكثفة التي تستهدف فئات شبابية ومستثمرين يبحثون عن التجديد. ورغم تحقيقهم نموًا سريعًا، فإنهم لا يزالون يواجهون صعوبة في منافسة العلامات الراسخة لكثرة الخيارات المتاحة أمام المستهلكين للرجوع إليها.
  3. العلامات الصينية
    بدأت هذه الشركات الصينية تسجّل حضورها في شريحة السيارات الاقتصادية منخفضة التكلفة، ولكنها لم تتجاوز بعد نقاط البداية في فئات السيارات الفاخرة والـSUV ذات المواصفات العالية. إذ لا تزال هذه العلامات تُعتبر جديدة في ذهن المستهلك السعودي من حيث الثقة والسمعة، مما يستلزم منها بذل جهد أكبر لبناء قاعدة عملاء تعتمد على تقييمات فنية وحملات تسويقية مدروسة تبيّن ميزات سياراتها وتبرز قيمتها مقابل السعر.

يُلاحظ أن المستهلك السعودي عادةً ما يميل إلى الاعتماد على العلامات الراسخة التي توفر مستوى متميزًا من خدمات ما بعد البيع، وهو ما يزيد من صعوبة اختراق الشرائح العليا للعلامات الصينية، خاصةً وأن ثقة المستهلك ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتاريخ العلامة وسمعتها في المنطقة.

كارتي

2- توزيع فئات السيارات وأولويات الأسعار

خلال شهر فبراير 2025، سجّل سوق السيارات السعودي النسب التالية لكل فئة:

  • السيارات السيدان: بلغت حصتها أكثر من 50% من إجمالي المبيعات. يُعزى ذلك إلى تفضيل الأسر السعودية لسيارات السيدان ذات الأسعار المعقولة التي تتراوح عادةً بين 50,000 و120,000 ريال سعودي. وتُعتبر هذه الفئة الخيار الأول لمن يبحث عن سيارة اقتصادية في استهلاك الوقود ذات جودة تصنيع مقبولة ومساحة داخلية تناسب متطلبات الأسرة السعودية.
  • سيارات الـSUV: استحوذت على أكثر من 30% من إجمالي المبيعات في نفس الفترة، وكانت بارزة خاصةً في الفئات السعرية التي تتجاوز 120,000 ريال سعودي. يتميّز هذا القسم بالطرازات رباعية الدفع القوية، المخصّصة للاستخدام على الطرق الوعرة والتنقل بين المدن والمناطق ذات التضاريس المتنوعة داخل المملكة. ويعكس هذا التوجه رغبة العائلات السعودية في امتلاك سيارات توفر راحة أكبر ومساحة أكبر للأطفال والأمتعة، إضافةً إلى قدرتها على التعامل مع الظروف المناخية القاسية.

يعكس هذا التوزيع بوضوح أن المستهلك السعودي يفضّل بشكل عام السيارات العملية التي تلبي الاحتياجات اليومية للعائلة، سواء أكانت سيارات سيدان اقتصادية أو مركبات رياضية متعددة الاستخدامات توفر مساحة أوسع وتجهيزات أفضل.

كارتي

3- تفضيل نوع الطاقة في السوق

محركات الاحتراق الداخلي (ICE)
لا تزال السيارات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي المعيار الأكثر انتشارًا في السوق السعودي، حيث تمثل حوالي 93.3% من إجمالي المبيعات. ويُعزى ذلك بشكل رئيس إلى وفرة الوقود بأسعار مدعومة محليًا، إضافةً إلى شبكات الصيانة الواسعـة التي تتيح للمستخدمين سهولة في الحصول على قطع الغيار وتنفيذ عمليات الصيانة الدورية بحرفية عالية.

كارتي

السيارات الهجينة (HEV)
تحظى السيارات الهجينة بحصة ضئيلة للغاية مقارنة بالسيارات التقليدية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن النجاح في هذه الفئة يحتاج إلى برامج تحفيزية واضحة من الجهات الحكومية لتشجيع المستهلك على الانتقال للأنظمة المختلطة، إضافةً إلى رفع الوعي بأهمية تقليل الانبعاثات وتحقيق وفورات في استهلاك الوقود.

السيارات الجديدة للطاقة (NEV)
دخلت السيارات الكهربائية والأساليب الجديدة لتوليد الطاقة (NEVs) -من ضمنها المركبات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن الخارجي- السوق السعودي بحذر شديد. إلا أنها لا تزال تواجه العديد من العقبات، أبرزها ضعف البنية التحتية لمحطات الشحن الكهربائية وارتفاع التكلفة الأولية لهذه المركبات مقارنة بأسعار الوقود المدعوم. ويشكّل هذا الواقع البيئي والاقتصادي علامة استفهام حول إمكانية الاعتماد على السيارات الكهربائية على المدى القريب، خاصةً للمشتري العادي الذي يسعى لتحقيق أقصى قدر من القيمة مقابل السعر المدفوع.

بالتالي، يبدو أن السيارات الكهربائية والهجينة تحتاج إلى فترة زمنية أطول وأسس تشريعية وتنظيمية أكثر تطورًا قبل أن تتمكن من تحقيق انتشار حقيقي في السوق السعودي، لا سيما مع الفارق الكبير في سعر الشراء مقارنة بالسيارات التقليدية الموفرة في استهلاك الوقود المدعوم.

4- الشرائح السعرية في السوق السعودي

يقسم السوق السعودي حاليًا إلى شرائح سعرية محددة، وهي:

  • الفئة السعرية ما بين 50,000 و120,000 ريال سعودي
    تستحوذ هذه الفئة على شريحة السيدان المدمجة بشكل أساسي. حاولت العلامات الصينية ترسيخ وجودها ضمن هذه الفئة بتقديم مستوى تجهيزات مرتفع وأسعار منافسة تجذب المستهلكين الذين يبحثون عن قيمة مضافة مقابل النقود المدفوعة. ومع ذلك، تواجه هذه العلامات منافسة شرسة من العلامات اليابانية والكورية التي تمتلك باعًا طويلًا في هذه الفئة، حيث يرجع الكثير من المستهلكين إلى خبرتهم السابقة في الاستحواذ على سيارات تعتمد عليها وتعيد بيعها بأفضل قيمة لاحقًا.
  • الفئة السعرية التي تزيد عن 120,000 ريال سعودي
    تُعنى هذه الشريحة بالسيارات الفاخرة ومركبات الـSUV ذات المواصفات المتطورة. تظل هذه الفئة حصريًا إلى حد كبير على العلامات اليابانية والكورية الكبرى، التي تمتلك تاريخًا طويلًا في السعودية في قسم الفخامة، إذ توفّر هذه الماركات محركات قوية أنيقة التصميم، وتجهيزات داخلية راقية، وأنظمة أمان متطوّرة، وخدمات ما بعد البيع الممتازة، وهو ما لم تتمكن العلامات الصينية من مجاراته بعد بسبب حداثة دخولها للسوق وضعف شبكات الخصوصية وخدمات الصيانة.

على الرغم من تسلّل بعض العلامات الصينية إلى الشريحة المتوسطة لاسيما الطرازات العائلية ذات الأسعار المعقولة، فإنها لا تزال غائبة عن سوق السيارات الفاخرة. وهذا يستلزم منها توجيه استثمارات أكبر نحو تطوير بنيةً تحتية لخدمات ما بعد البيع وتقديم حزم ضمان أطول وأسعار تنافسية مدروسة بعناية.

5- تحليل سلوك البحث عن السيارات الصينية

تُظهر بيانات البحث المتعلقة بالعلامات الصينية في السوق السعودي نتائجٍ مثيرة للاهتمام خلال شهر فبراير 2025:

  • جيتور (Jetour)
    تصدّرت عمليات البحث المسجلة على محركات البحث داخلية بعدد 15,959 عملية، ويبدو أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو إطلاق طرازٍ جديد مصحوب بحملةٍ تسويقية محلية منظمة.
  • شانجان (Changan)
    حازت على المرتبة الأعلى من حيث حجم الزيارات المحتملة إلى مواقعها الإلكترونية، حيث بلغ عدد الزيارات حوالي 86,000 زيارة. ويعكس ذلك مدى نجاح استراتيجيات شانجان الرقمية في جذب انتباه المستهلك السعودي، والتركيز على تقديم محتوى يوضح المزايا التقنية ومستويات التجهيز لدى طرازاتها.

تشير هذه الأرقام بشكلٍ واضح إلى أنه من الضروري للعلامات الصينية أن تستثمر بكثافة في الإعلانات الموجهة محليًا وأن تعمل على بناء ثقة المستهلك تدريجيًا، سواء عن طريق الضمان الطويل، أو تحسين خدمات ما بعد البيع، أو توفير قنوات تواصل فعّالة تساعد المستهلك على الحصول على المعلومات اللازمة لاتخاذ قرار شراء مبني على معرفة كاملة بالمنتج.

خلاصة وتحليل استراتيجي

بناءً على جمع وتحليل بيانات المبيعات وعمليات البحث، يقدّم تقرير كارتي رؤيةً مكثفة لسوق السيارات السعودي ضمن ثلاثة محاور رئيسية:

  1. هيكل العلامات التجارية
    لا تزال العلامات اليابانية والكورية هي المسيطرة بلا منازع، في حين لم تتمكّن العلامات الصينية بعد من التسلّل إلى قمة سوق السيارات الفاخرة.
  2. تفضيل نوع الطاقة
    تحافظ السيارات التقليدية (ICE) على حصتها السوقية الكبيرة، فيما لا تتجاوز حصة السيارات الهجينة نسبة ضئيلة، والكهربائية تواجه صعوبات جمة بسبب ضعف البنية التحتية وارتفاع التكلفة.
  3. تفاصيل تفضيلات المستهلكين
    • تشكل سيارات السيدان 52% من الحصة السوقية، مع هيمنة الطرازات الاقتصادية التي تتراوح أسعارها بين 50,000–120,000 ريال سعودي.

تستحوذ سيارات الـSUV على 30% من إجمالي المبيعات، وتُعد الأكثر شعبية في الفئات السعرية التي تتجاوز 120,000 ريال سعودي، لاسيما تلك المزودة بنظام دفع رباعي قوي اقرأ المقال الكامل

إعلان

محمد حسن

محمد حسن، صحفي متخصص في الشأن المحلي السعودي وقضايا العالم العربي. يركز على تقديم تغطيات دقيقة وتحليلات عميقة للأحداث السياسية والاجتماعية التي تهم القارئ العربي. يتميز بأسلوبه الواضح وقدرته على تسليط الضوء على التفاصيل المهمة لتقديم صورة متكاملة عن الأحداث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *