مشعر عرفات.. الركن الأعظم للحج يشهد تطويرًا غير مسبوق في حج 1446
مكانة دينية راسخة وتاريخ خالد في الوجدان الإسلامي
يُعد مشعر عرفات من أبرز المشاعر المقدسة التي ترتبط بوجدان المسلمين حول العالم، فهو الركن الأعظم في الحج، كما ورد في الحديث الشريف: “الحج عرفة”. وفي التاسع من ذي الحجة، يجتمع فيه ملايين الحجاج من شتى أنحاء العالم في مشهد إيماني مهيب، يذوب فيه الفارق بين الأجناس واللغات، وتتّحد القلوب في لحظة خاشعة من التضرع والدعاء.
يقع المشعر على بُعد نحو 18 كم من المسجد الحرام، ويتميز بتكوينه الجغرافي كسهل منبسط تحيط به الجبال، دون إقامة دائمة فيه، حيث يكون وقت الوقوف من زوال شمس يوم عرفة حتى فجر يوم النحر.
جبل الرحمة ومسجد نمرة.. رمزية إيمانية ومعمارية
يتوسط المشعر جبل الرحمة، الذي يُعد معلمًا بارزًا ارتبط بموقف النبي محمد ﷺ أثناء حجة الوداع، ويقصده الحجاج للدعاء في يوم عرفة. أما مسجد نمرة، فهو من أكبر المساجد الموسمية في العالم الإسلامي، وتبلغ مساحته 110 آلاف متر مربع، ويستوعب أكثر من 350 ألف مصلٍّ، ويضم بنية تحتية متطورة من المكيفات والمراوح والكاميرات والخدمات الصحية.
وقد شهد المسجد في السنوات الأخيرة سلسلة من المشاريع التطويرية، شملت تلطيف الساحات، وتوفير خدمات السقيا، وتوسعة المرافق الصحية، ضمن منظومة تهدف إلى راحة الحجاج وجودة تجربتهم.
نقلة تطويرية كبرى ضمن رؤية المملكة 2030
استثمرت المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- في تطوير مشعر عرفات بما يتماشى مع رؤية السعودية 2030، حيث نفذت شركة كِدانة مجموعة من المشاريع النوعية.
وشملت المشاريع تظليل 85 ألف متر مربع من ساحة مسجد نمرة، باستخدام 320 مظلة و350 عمود رذاذ، إلى جانب تظليل وتبريد مسارات الحجاج بمساحة 60 ألف متر مربع بمراوح رذاذ حديثة، إضافة إلى تشجير المناطق المكشوفة لتلطيف الأجواء.
خدمات ذكية واستعدادات شاملة لضمان راحة الحجاج
وفّرت الجهات المعنية مختلف الخدمات الأمنية والطبية والخدمية في مشعر عرفات، ومنها تشغيل مستشفى جبل الرحمة والمراكز الصحية، إضافة إلى نقاط إسعافية تعمل على مدار الساعة. كما تم تفعيل أنظمة إلكترونية ذكية لمراقبة الحشود وتنظيم حركة التفويج، وتوفير تطبيقات إلكترونية تساعد الحجاج في التنقل والوصول للمواقع بدقة.
ومن اللافت هذا العام تقديم خدمة الترجمة الفورية لخطبة عرفة بـ34 لغة، مما يعكس اهتمام المملكة بإيصال رسالة الإسلام بمفردات عالمية وتيسير مناسك الحج لكافة الجنسيات.
عرفات.. مشهد سنوي يتجدد فيه عهد الخدمة والقدسية
يظل مشعر عرفات رمزًا خالدًا لوحدة الأمة الإسلامية، تتجسد فيه المقاصد الكبرى للحج: المساواة، التجرّد، الدعاء، الغفران، وهو في ذات الوقت شاهد على الجهود الجبارة التي تبذلها المملكة العربية السعودية لتيسير شعيرة الحج بأعلى معايير الجودة والسلامة والراحة.