بداية “مربعانية القيظ”.. حرارة الجزيرة العربية تلامس ذروتها في أطول نهارات السنة
بدأت اليوم “مربعانية القيظ”، التي تُعد واحدة من أبرز مراحل فصل الصيف في الجزيرة العربية، وتشكل البداية المناخية الفعلية للفصل الأكثر حرارة خلال العام، وسط مؤشرات قوية لارتفاع تدريجي في درجات الحرارة على مناطق واسعة من الخليج العربي.
وتتزامن مربعانية القيظ مع نهاية موسم “الكنة”، لتبدأ معها فترة تمتد أربعين يومًا، تُعرف بأطول نهارات السنة وأقصر لياليها، وهي المرحلة التي تشهد تصاعدًا واضحًا في حرارة الجو، وانحسارًا تدريجيًا للبرودة الليلية التي كانت تميز المرحلة السابقة.
نجم الثريا يفتتح المربعانية.. وتتابع نوء الدبران والهقعة
أوضح عضو جمعية آفاق لعلوم الفلك برجس الفليح أن مربعانية القيظ تبدأ فلكيًا مع طلوع نوء الثريا، وتستمر عبر ثلاثة أنواء متتابعة: الثريا، الدبران، والهقعة، ويمتد كل نوء منها 13 يومًا، وتُختتم المرحلة مع بدء موسم نضج ثمار النخيل في بعض المناطق، إيذانًا باقتراب جني الرطب.
وأضاف أن مربعانية الصيف تختلف تمامًا عن مربعانية الشتاء، إذ تبدأ الأولى بنوء الثريا بينما تبدأ الثانية بنوء الإكليل، ولكل منهما خصائصه المناخية والسلوكية في المجتمع المحلي.
حرارة تصاعدية ورياح نهارية.. ملامح القيظ القاسية
تتسم أيام المربعانية بهبوب رياح شمالية غربية منذ شروق الشمس، تشتد خلال النهار وتخف مع الغروب، بينما تبدأ الشمس في التعامد المباشر على الأرض في منتصف الموسم، مما يؤدي إلى تراكم حرارة في باطن الأرض تنعكس على السطح لاحقًا، لتبلغ الحرارة ذروتها في ما يُعرف بـ”حر الانصراف“.
وتزداد قساوة الأجواء في حال سكون الرياح أو تكوّن سحب كاتمة، ما يؤدي إلى احتباس الحرارة، ويزيد الإحساس بها بشكل كبير، خاصة في المدن والبيئات غير الزراعية.
نهاية المربعانية.. الأرض في “الأوج” والرطب ينضج
في ختام مربعانية القيظ، تصل الأرض إلى أبعد نقطة عن الشمس فيما يُعرف بـ”الأوج الأرضي”، ورغم بعد المسافة، تقل فاعلية سطوع الشمس بسبب الغبار العالق في طبقات الجو العليا، ما يخلق ظلالًا خفيفة على الأرض.
وتتزامن هذه الفترة مع نضج ثمار النخيل، وبدء موسم جني الرطب، خاصة في المناطق الزراعية مثل الأحساء والقصيم، حيث تُعد هذه الفترة من العلامات الفلكية على دخول الذروة المناخية لفصل الصيف.
مربعانية القيظ.. بين الفلك والتراث الشعبي
لطالما كانت “مربعانية القيظ” جزءًا من التراث الشعبي والموروث الزراعي والمناخي في الجزيرة العربية، حيث كان الناس يقيسون المواسم بناءً على حركة النجوم وظواهر الطقس، وتُستخدم مصطلحات مثل “حر الانصراف” و”طلوع الثريا” كدلائل فلكية وعملية لبداية أو نهاية فصل مناخي.