من العشوائية إلى العصر الرقمي.. كيف قادت السعودية تحوّل موسم الحج؟

رحلة تنظيمية عمرها قرن: من توحيد المملكة إلى رؤية 2030
استعرض الباحث في تاريخ الدولة السعودية، محمد بن إبراهيم الطميحي، التحول الجذري الذي شهده موسم الحج في المملكة، منذ ما قبل توحيد البلاد وحتى العصر الحديث، مبينًا كيف تحوّل الحج من واقعٍ مليء بالفوضى وانعدام الخدمات إلى تجربة متكاملة تتسم بالتنظيم، والاحترام، والتقنية.
وقال الطميحي إن الحج قبل دخول الملك عبدالعزيز إلى مكة عام 1343هـ (1924م) كان يعاني من أوضاع صعبة، إذ كانت الطرق محفوفة بالمخاطر، والمشاعر بلا مرافق أو نظام، والحرم يفتقد إلى وحدة الإمامة والخدمات الأساسية، ما انعكس سلبًا على راحة وكرامة الحجاج.
الملك عبدالعزيز.. نقطة التحوّل وبداية الرعاية المؤسسية
أكد الطميحي أن دخول الملك المؤسس إلى مكة شكّل انطلاقة حقيقية لرؤية حضارية تخدم الحاج وتُعلي من مكانة الحرمين. فأمر بتوحيد الإمامة، وترميم المسجد الحرام، وإنشاء أول مصنع لكسوة الكعبة، وتبليط المسعى، وتنظيم الأسواق، وإدخال الكهرباء للمسجد الحرام.
كما أُسست أول هيئة لإدارة شؤون الحرمين، تطورت لاحقًا إلى الرئاسة العامة، ما ساعد في خلق نظام مؤسسي مستدام لخدمة الحجاج والمعتمرين.
توسعات كبرى وتطور في البنية التحتية
مرّت خدمة الحجاج بمراحل نوعية، أبرزها:
- في عهد الملك سعود: أول توسعة رسمية للمسجد الحرام، وإدخال أنظمة حديثة للإضاءة والتهوية.
- في عهد الملك فيصل: تطوير طرق مكة وبناء الجسور والأنفاق ورفع كفاءة الخدمات الصحية.
- في عهد الملك خالد: توسعة شبكة النقل وتحسين آليات تنظيم الحشود.
- في عهد الملك فهد: أكبر توسعة في تاريخ الحرمين، وإنشاء منشأة الجمرات متعددة الطوابق، وتوسعة المسعى، والتخطيط لقطار المشاعر.
- في عهد الملك عبدالله: قطار المشاعر، توسعة الساحات الشمالية، وتطوير التفويج والتكييف.
عصر التحول الذكي.. الملك سلمان وولي العهد يقودان المستقبل
قال الطميحي إن الملك سلمان وضع بصمته التاريخية عبر مشاريع تجاوزت كلفتها 200 مليار ريال، أبرزها التوسعة الثالثة الكبرى، الرواق السعودي الجديد، وتوسعة صحن المطاف، وتشغيل قطاري الحرمين والمشاعر.
أما ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فقد أطلق برنامج “خدمة ضيوف الرحمن” ضمن رؤية المملكة 2030، ليكون مظلة شاملة تعيد تعريف تجربة الحج، من التسجيل إلى العودة، باستخدام الذكاء الاصطناعي، بطاقة الحاج الذكية، والإحرام الذكي.
المواطن السعودي.. شريك دائم في خدمة الحجاج
أشاد الطميحي بدور المواطن السعودي الذي وصفه بـ”الركيزة الأهم” في نجاح موسم الحج، بدءًا من رجال الأمن والطواقم الطبية، وصولًا إلى المتطوعين وموظفي النقل والتفويج، مؤكدًا أن النسيج الوطني في كل عام يُظهر للعالم صورة السعودية الحديثة: دولة تحترم الزمان والمكان والإنسان.
المملكة.. قلب العالم الإسلامي ووجهته الروحية
اختتم الطميحي حديثه بالتأكيد على أن المملكة العربية السعودية تمثل القلب النابض للعالم الإسلامي، لا لموقعها الجغرافي فحسب، بل لدورها القيادي في رعاية الحجاج وتجديد تجربتهم بشكل حضاري، يليق بعظمة الركن الخامس، وقدسية البقاع الطاهرة.