مؤسسة غزة الإنسانية تثير الجدل: خطة جديدة للمساعدات تثير مخاوف من تسييس الإغاثة وتفاقم الأزمة

في خطوة وصفت بأنها “تغيير جذري” يهدد بتعميق الكارثة الإنسانية في غزة، أعلنت مؤسسة “غزة الإنسانية” المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا، عن استعدادها لإطلاق عمليات توزيع مساعدات في قطاع غزة، ضمن خطة تعيد هيكلة النظام الإغاثي بالكامل، في ظل رفض أممي وتحذيرات منظمات الإغاثة الدولية من تداعيات الخطة على المدنيين.
نظام إغاثي جديد بإشراف مباشر من إسرائيل
الخطة الجديدة تستهدف انتزاع إدارة توزيع المساعدات من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة، لصالح نموذج مركزي يخضع لحراسة مشددة، قرب مواقع عسكرية إسرائيلية. وتؤكد المؤسسة أن مراكز التوزيع الأربعة التي ستُنشأ في المرحلة الأولى ستخدم كل منها 300 ألف شخص، مع خطط للتوسع إلى ثمانية مراكز تخدم مليوني نسمة لاحقًا، في وقتٍ تتصاعد فيه التحذيرات من وقوع مجاعة في غزة.
إصرار رغم الرفض الدولي واستقالة القيادة
رغم الرفض العلني من الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة، أعلنت المؤسسة جاهزيتها، مؤكدة أن شاحناتها “محملة وجاهزة للانطلاق”. وجاء هذا التصعيد في وقتٍ شهد استقالة المدير التنفيذي للمؤسسة، الأمريكي جيك وود، الذي عبّر عن مخاوفه من فقدان الاستقلالية في تنفيذ المهمة الإنسانية.
مخاوف من التسييس واستخدام الغذاء كسلاح
ترى الأمم المتحدة أن الخطة الجديدة تمثل محاولة لتسييس المساعدات وتحويلها إلى أداة ضغط سياسي وعسكري. وتحذّر منظمات حقوقية من أن فرض عبور الفلسطينيين لنقاط تفتيش عسكرية للوصول إلى الغذاء قد يرقى إلى التهجير القسري وانتهاك القوانين الدولية.
وقد صرّحت شاينا لو من المجلس النرويجي للاجئين بأن هذا النموذج “ينتهك المبادئ الإنسانية الأساسية، ويعرض المنظمات للمشاركة في انتهاكات جسيمة”.
مراكز قريبة من مواقع عسكرية ومناطق غير مأهولة
صور الأقمار الصناعية أظهرت مواقع بناء المراكز الجديدة، بالقرب من نتساريم وممر موراج، وهما منطقتان تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، ما يثير مخاوف من تقييد الوصول وفرض شروط سياسية على المستفيدين. وتُشير المنظمات إلى أن غالبية سكان غزة يتركزون حاليًا في مناطق بعيدة عن هذه المراكز، ما يعني اضطرارهم لعبور خطوط نارية للوصول إلى الغذاء.
دعم غامض وتمويل مثير للريبة
في الوقت الذي تنفي فيه الولايات المتحدة وإسرائيل تقديم تمويل مباشر للمؤسسة، تدّعي الأخيرة أنها حصلت على وعود بدعم يتجاوز 100 مليون دولار من “دولة أوروبية” لم تسمها. كما تضم المؤسسة شخصيات ذات خلفيات أمنية وعسكرية، مما يزيد من الشكوك حول أهدافها الحقيقية.
معايير تغذية دون المستوى وتحذيرات من فشل الخطة
بحسب خبراء في المجال الإنساني، فإن النظام المقترح لا يرقى إلى المعايير الدولية للطوارئ، حيث تقتصر الوجبة اليومية على 1750 سعرًا حراريًا، في حين توصي المنظمات الدولية بـ2100 سعر حراري على الأقل. ويشير جيمس إلدر المتحدث باسم “اليونيسف”، إلى أن “المنظمات الحالية أثبتت قدرتها على تلبية الاحتياجات عندما يُسمح لها بالعمل”.
نحو أزمة إنسانية أعمق؟
في ضوء استمرار الحصار ومنع إدخال الإمدادات الحيوية لثلاثة أشهر متواصلة، تواجه غزة كارثة إنسانية متصاعدة. ورغم فتح جزئي مؤخرًا لإدخال مساعدات محدودة، ترى منظمات الإغاثة أن الخطة الجديدة تهدد بتقويض النظام القائم دون بديل فعّال، ما يفتح الباب أمام مجاعة شاملة وخرق واسع للقانون الدولي.