الحج بين التنظيم الشرعي والتصاريح النظامية.. تأصيل فقهي ورد على دعاوى التشويش

أكد الدكتور محمد فضل محمد، الأكاديمي والإعلامي السوداني، أن الحج ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة، وشرط وجوبه الأساسي هو الاستطاعة، التي تشمل القدرة البدنية، والمادية، والأمنية، وفي عصرنا الحديث أصبحت التصاريح الرسمية جزءًا من هذا المفهوم الشرعي، لما فيها من تحقيق للمصلحة العامة ودرء المفاسد.
الحج فريضة مشروطة بالاستطاعة.. والتصريح جزء منها
أوضح الدكتور فضل أن الآية الكريمة:
{ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا }
تدل بوضوح على أن الاستطاعة شرط للوجوب، وهذا ما أجمعت عليه الأمة. وأضاف أن من صور الاستطاعة الحديثة الحصول على تصريح الحج، والذي يُعد وسيلة مشروعة تُحقق مقاصد الشريعة الإسلامية، وتمنع الفوضى، وتحفظ أرواح المسلمين.
تنظيم الحج في السعودية.. من خدمة الشعيرة إلى حماية الأرواح
أشاد الدكتور محمد فضل بجهود المملكة العربية السعودية في تنظيم موسم الحج، منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-. حيث شهدت المشاعر المقدسة تطورًا تاريخيًا من حيث التوسعة والتنظيم والإدارة التقنية.
الأنظمة ليست تعسيرًا بل تنظيمًا شرعيًا
أوضح الدكتور فضل أن ما يُنظم الحج من أنظمة ليس تقييدًا لحرية العبادة، بل هو حماية لأرواح المسلمين، كما حدث في تقنين الحصص للحجاج القادمين من الخارج، وتحديد الأعداد من الداخل عبر التصاريح الإلكترونية، التي تمنع التكدس وتُجنب المخاطر.
وأشار إلى أن السعودية لا تهدف من هذه الإجراءات إلا إلى تحقيق السلامة والانسيابية في أداء المناسك، وهو من مقاصد الشريعة، مشيرًا إلى القاعدة الفقهية:
“تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة”.
الحج تنظيم قبل أن يكون حضورًا
وقال: “من يتجاوز التنظيم دون تصريح لا يُعرض نفسه فقط للعقوبات، بل يُعرّض غيره للأذى، وهو أمر مخالف للشريعة التي أمرت بحفظ النفس، ومن صور الالتزام بالمناسك، احترام الأنظمة والتعليمات التي تُنظم هذه الشعيرة”.
وأضاف أن من يستهين بالإجراءات النظامية أو يُشكك فيها بحجة أنها تقييد أو يدعو لمقاطعة الحج، فهو يخالف النصوص الشرعية ومقاصد الدين، ويُحرّف الفهم الصحيح لهذه الشعيرة العظيمة.
الختام: طاعة ولي الأمر والرضا بالمقسوم
اختتم الدكتور فضل حديثه بالدعاء لولاة الأمر، مؤكدًا أن من لم يحصل على تصريح لا يُعد مستطيعًا شرعًا، ولا إثم عليه، بل هو مأجور على التزامه. وقال إن الدعوات للتشويش على الحج أو التهكم على تنظيمه تُخالف الشرع والواقع والعقل.