السعودية تقود التحول الدولي نحو الاعتراف بدولة فلسطين وتفعيل حل الدولتين
تحركات دبلوماسية سعودية تفتح آفاقًا جديدة لحل القضية الفلسطينية

في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة والضفة الغربية، تتزايد يومًا بعد يوم فرص الاعتراف بدولة فلسطين، خاصة في الأوساط الأوروبية، مدفوعةً بجهود دبلوماسية سعودية نشطة تعمل على حشد التأييد الدولي، وتأكيد أهمية حل الدولتين كخيار استراتيجي لإحلال السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط.
وتقود المملكة العربية السعودية هذا التوجه العالمي من خلال مسارين متوازيين: الأول هو الدفع نحو الاعتراف الدولي الرسمي بالدولة الفلسطينية، والثاني هو التأكيد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الممتد منذ عقود.
تحالف دولي بقيادة الرياض لدعم الدولة الفلسطينية
في خطوة غير مسبوقة، أعلنت السعودية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024 عن تشكيل “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”، بمشاركة واسعة من الدول العربية والإسلامية والأوروبية، ما يعكس الدور المحوري للرياض في إعادة صياغة المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية، وتعزيز فرص إحلال السلام الدائم.
ويُعد هذا التحالف بمثابة منصة سياسية دبلوماسية تعمل على تحقيق الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة.
أوروبا تعيد النظر في موقفها من إسرائيل
انعكست التحركات السعودية على المواقف السياسية في عدد من الدول الأوروبية الكبرى، التي بدأت تُظهر لهجة جديدة حازمة تجاه السياسات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية. فقد صدر مؤخرًا بيان ثلاثي من فرنسا وبريطانيا وكندا يُدين الاجتياح الإسرائيلي البري لغزة، ويطالب بوقف فوري للعمليات العسكرية، مع التهديد باتخاذ إجراءات عقابية ضد تل أبيب.
وفي تصريحات لافتة، عبّر وزراء خارجية أوروبيون عن استيائهم من الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات إلى غزة. كما أوقفت بريطانيا محادثات تجارية مع إسرائيل، وفرضت عقوبات على عدد من المستوطنين، وبدأت دول أخرى مثل هولندا بحث إمكانية إلغاء اتفاقيات الشراكة مع إسرائيل.
تحولات جوهرية في الخطاب الدولي تجاه فلسطين
لم تقتصر التغييرات على السياسات، بل امتدت إلى لغة الخطاب السياسي الغربي، التي بدأت تتجه من الدعم المطلق لإسرائيل إلى الانتقاد العلني والمباشر. وقد صرّح وزير الخارجية الفرنسي بأن الاعتراف بدولة فلسطين بات ضروريًا من أجل “منع توريث الكراهية والعنف لأطفال غزة”، بينما وصف نظيره البريطاني موقف إسرائيل من المساعدات بأنه “مثير للاشمئزاز”.
هذا التحول يعكس تبدلًا استراتيجيًا في موقف المجتمع الدولي، في ظل تصاعد مشاهد الموت والجوع، وتزايد الضغط الإعلامي والحقوقي الداعم للحقوق الفلسطينية.
هل ينجح الحراك السعودي في إحداث تغيير حقيقي؟
وفقًا للأرقام الرسمية، فإن 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة تعترف بدولة فلسطين، وهو ما يمثل 75% من المجتمع الدولي. ومع دخول قوى غربية وازنة مثل فرنسا وبريطانيا في خط الاعتراف، فإن الحراك السعودي مرشح لأن يحدث زخمًا دوليًا كبيرًا قد يُفضي إلى إعادة إطلاق عملية السلام على أسس أكثر عدالة وشرعية.
التحركات السعودية لم تكن آنية أو ظرفية، بل تأتي في إطار سياسة خارجية استراتيجية ترى في العدالة للفلسطينيين بوابةً لتحقيق الأمن والاستقرار في الإقليم.