داء السكري من النوع الأول.. تحذيرات طبية من تجاهل الأعراض المبكرة وارتباط العدوى الفيروسية بانتشاره
السكري من النوع الأول تحت المجهر: العدوى الفيروسية أحد المحفزات والتشخيص المبكر مفتاح الوقاية

في ظلّ الارتفاع المتسارع في حالات الإصابة بداء السكري من النوع الأول عالميًا، تتعاظم الحاجة إلى فهم آليات المرض وأسباب تطوّره، لا سيما بين الأطفال واليافعين الذين يُعدّون الفئة الأكثر عرضة. وفي هذا الإطار، يسلّط الدكتور رائد الدهش، استشاري ورئيس قسم الغدد والسكري بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني، الضوء على أبرز المستجدات العلمية المتعلقة بتطوّر المرض وسبل التشخيص المبكر لتجنّب مضاعفاته الخطيرة.
مرض مناعي يستهدف خلايا الإنسولين
يؤكد الدكتور الدهش أن داء السكري من النوع الأول هو مرض مناعي ذاتي، حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا “بيتا” المسؤولة عن إنتاج الإنسولين في البنكرياس، مما يؤدي إلى نقص حاد في هرمون الإنسولين. ويضطر المصابون في أغلب الحالات إلى تلقي العلاج بالإنسولين مدى الحياة.
وتبرز في هذا السياق الأجسام المضادة الذاتية كعلامة مبكرة ومؤشّر مهم في تطوّر المرض، حيث يتم إنتاجها من قِبل الجهاز المناعي وتعمل على تدمير الخلايا السليمة المنتجة للإنسولين، حتى في غياب أي تاريخ وراثي للمرض.
العدوى الفيروسية عامل خطر خفي
أحد أبرز العوامل التي تثير القلق – بحسب الدكتور الدهش – هو احتمال دور العدوى الفيروسية في تحفيز المرض، إذ تساهم بعض الفيروسات في إطلاق استجابة مناعية غير طبيعية تؤدي إلى تدمير خلايا البنكرياس، ما يمهّد للإصابة بالسكري حتى دون وجود عوامل وراثية واضحة.
ويُرجّح أن هذه العدوى قد تكون نقطة الانطلاق الأولى في بعض الحالات، الأمر الذي يجعل البحث في هذا الجانب أولوية علمية ملحة لتطوير سبل الوقاية.
خطر الحماض الكيتوني: مضاعفات حادة نتيجة التأخير
يشدد الدكتور الدهش على أهمية التشخيص المبكر، محذرًا من التأخر في ملاحظة الأعراض، والذي قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة أبرزها الحماض الكيتوني السكري، وهي حالة طبية طارئة تنتج عن تراكم الأحماض في الدم بسبب غياب الإنسولين.
وتتطلب هذه الحالة تدخلًا طبيًا فوريًا، نظرًا لما قد تسببه من غيبوبة أو حتى الوفاة إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.
أهمية الفحوصات الوقائية للأسر المعرضة
ينصح الدكتور الدهش الأسر التي لديها أقارب من الدرجة الأولى مصابون بداء السكري، بإجراء فحوصات منتظمة للأطفال، والتي تشمل اختبارات الكشف عن الأجسام المضادة المناعية المرتبطة بالمرض، وهو ما قد يتيح فرصًا كبيرة للتدخل المبكر وتفادي تطور الحالة.
دور المدارس والتوعية المجتمعية
وفي إطار الجهود المجتمعية، يؤكد الدكتور الدهش على ضرورة توعية الكوادر التعليمية والهيئات الصحية المدرسية بأبرز أعراض المرض، والتي تشمل:
- العطش المستمر
- التبول المتكرر
- فقدان الوزن المفاجئ
- الإرهاق المزمن
ويُوصى بتطبيق برامج فحص استباقي للطلاب المعرضين للخطر، ما يعزز فرص الكشف المبكر ويقلل من العبء الصحي والاجتماعي الناتج عن المرض.
خلاصة: السكري من النوع الأول ليس قدراً حتميًا
يرى الدكتور الدهش أن السكري من النوع الأول لم يعد مرضًا غامضًا، بل أصبح من الممكن التنبؤ به وتجنّب مضاعفاته عبر أدوات تشخيصية متطورة، ومتابعة صحية دقيقة، خصوصًا للأطفال في سنّ مبكرة.
ويختتم بالتأكيد على أن الوعي المجتمعي والتدخل المبكر هما حجر الأساس في مواجهة هذا المرض، الذي يمكن احتواؤه من خلال الرصد المبكر والعلاج الفعّال.