اعلان

“الإبراية” في جازان.. شجرة الجميز التي ظلّت تحرس الذاكرة والناس

في عمق القرى الجازانية وتحت شمس الجنوب الساطعة، تقف شجرة الجميز، أو كما يسميها أهالي المنطقة بـ”الإبراية”، شامخةً بظلّها الوارف وجذعها العريض، حافظةً لذاكرة المكان والناس، ومجالس الأجداد، وأحاديث العابرين. ليست مجرد شجرة عادية، بل هي جزء من الهوية البيئية والثقافية لجنوب المملكة.


شجرة الجميز.. ظلال كثيفة وثمار شعبية

تنتمي “الإبراية” إلى فصيلة التين، واسمها العلمي Ficus sycomorus، وتتميّز بجذع ضخم متفرّع وأوراق عريضة توفّر ظلًا كثيفًا مرغوبًا في البيئات الحارة، ما جعلها خيارًا طبيعيًا للأهالي في جازان، خاصة في السهول الزراعية ومحيط القرى القديمة.

وغالبًا ما تُزرع بجوار المنازل والمساجد والآبار، حيث تكتسب الشجرة رمزية اجتماعية ومكانة تتجاوز دورها البيئي.

ads

ذاكرة شعبية تحت ظلال الإبراية

كبار السن في جازان ما زالوا يستذكرون “الإبراية” كمكان للقاء اليومي، وتحديدًا بعد صلاة العصر، حيث يجتمع الرجال لتبادل الأحاديث، بينما يجد فيها الأطفال ملعبًا طبيعيًا في منتصف النهار، ومنبرًا لحكايات الأجداد مع غروب الشمس.


ثمارها بين المذاق الشعبي والحنين

تنتج شجرة الجميز ثمارًا صغيرة تشبه التين، خضراء تميل إلى الإحمرار عند النضج، بطعم حلو يميل إلى الحموضة. ورغم أنها لا تُعد من المنتجات الزراعية التجارية، فإنها تحتل مكانة في الذائقة الشعبية القديمة، حيث يحرص الأطفال على تسلّق الأغصان وقطفها في طقس شعبي متكرر.


منظومة بيئية مصغّرة وسط القرى

توفّر “الإبراية” ما يشبه النظام البيئي المتكامل، حيث تُعد موئلًا للطيور، وموطنًا للظلال، وملجأً للمزارعين والمارّة في القرى النائية. وبفضل جذورها القوية وقدرتها على تحمّل الجفاف، فإنها تتكيّف بسهولة مع طبيعة جازان، ما يجعلها عنصرًا أساسيًا في المشهد البيئي التقليدي.


الإبراية.. شجرة لا تُزرع للظل فقط

شجرة الجميز ليست عنصرًا طبيعيًا فحسب، بل هي جزء حي من الذاكرة الجمعية في جازان. ظلّها، وخشونة جذعها، وطعم ثمرها، تحكي قصص الكرم والبساطة والارتباط بالمكان، في زمن كانت فيه الشجرة مأوى للروح، ومجلسًا للحكاية، وسقفًا للسكينة.

إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *