دراسة جديدة ترسم خريطة نمو الدماغ لدى الأطفال من الميلاد حتى 6 سنوات باستخدام الرنين المغناطيسي

كشفت دراسة علمية رائدة قادها باحثون من جامعة نورث كارولينا أن مخططات الاتصال الوظيفي للدماغ، المستخلصة من بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، يمكن أن تكون أداة فعالة لتتبع نمو الدماغ في مرحلة الطفولة المبكرة، مما يمهد الطريق لفهم أعمق لتطور القدرات الإدراكية واكتشاف الانحرافات المبكرة التي قد ترتبط بالمخاطر النفسية العصبية.
الطفولة المبكرة.. مرحلة مفصلية في نمو الدماغ
تشير الدراسة إلى أن الطفولة المبكرة تمثل مرحلة حرجة يمر فيها الدماغ بتغيرات كبيرة، تشمل التكامل والتخصص الشبكي بين المناطق العصبية، وتُعد هذه المرحلة أساسًا لتطور اللغة، والانتباه، والمهارات المعرفية الدقيقة، مما يجعلها محورية لفهم الصحة العقلية والتنموية مستقبلاً.
مخططات نمو دماغية لـ 8 شبكات عصبية رئيسية
اعتمد الباحثون على تحليل بيانات أكثر من 1000 تصوير بالرنين المغناطيسي في حالة الراحة لأطفال من حديثي الولادة وحتى عمر 6 سنوات، وتمكنوا من رسم مخططات نمو وظيفي لثمان شبكات دماغية أساسية، أبرزها:
- الشبكة البصرية: بلغت ذروتها في 5 أشهر واستقرت في سن 4 سنوات.
- الشبكة الحركية الجسدية: انخفضت منذ الولادة واستقرت عند 18 شهرًا.
- الشبكة الحوفية: ذروتها عند 10 أشهر، تدعم العاطفة والذاكرة.
- شبكة الوضع الافتراضي: بلغت أقصاها عند 16 شهرًا، ترتبط بالاستغراق الذهني.
- شبكتا الانتباه البطني والظهري: نمتا تدريجيًا حتى عمر 21 شهرًا.
- شبكة التحكم: نمت بثبات على مدار السنوات الست.
- الاتصال تحت القشري: ظل مرتفعًا ومستقرًا طوال الفترة.
الاختلاف بين حالتي النوم واليقظة يكشف مزيدًا من الدقة
اعتمد الباحثون على نماذج تعلم آلي لتوحيد بيانات التصوير بين حالتي النوم واليقظة، ما أتاح إمكانية بناء مخططات دقيقة يمكن مقارنتها بين الأطفال، مع الأخذ في الاعتبار التغيرات المعقدة في نشاط الدماغ خلال هذه الحالات.
رصد الانحرافات والتنبؤ بالمخاطر الإدراكية
أظهرت النتائج أن الانحرافات عن هذه المخططات المعيارية ترتبط باختلافات في الأداء الإدراكي، مثل:
- اللغة التعبيرية والاستقبالية
- المهارات الحركية الدقيقة
- الاستقبال البصري
وتنبأت هذه الانحرافات بشكل دقيق بالأداء المعرفي المستقبلي، ما يجعل من هذه المخططات أداة مبكرة للتنبؤ بالاضطرابات التنموية.
أهمية النتائج وتطبيقاتها المستقبلية
تشير الدراسة المنشورة في مجلة Nature Human Behaviour إلى إمكانية استخدام هذه المخططات كوسيلة للكشف المبكر عن اضطرابات النمو العصبي، وتطوير تدخلات علاجية تستهدف تعديل مسارات النمو الدماغي لدى الأطفال المعرضين للخطر.