“النونية الكبرى” لأحمد بن ماجد.. المخطوطة العمانية التي أبحرت نحو ذاكرة العالم

أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” المخطوطة العمانية التاريخية “النونية الكبرى” ضمن برنامج ذاكرة العالم، لتُسجل بذلك كواحدة من أبرز الوثائق التراثية التي تسلط الضوء على ريادة عمان البحرية وإسهاماتها العلمية في مجال الملاحة وعلوم البحار.
إرث بحري عالمي من قلب عُمان
تُعد “النونية الكبرى” عملاً فريداً من نوعه في التراث البحري العربي والعالمي، ألّفها الربّان العماني الشهير أحمد بن ماجد، الذي يُعرف بلقب “أسد البحار”. وتُمثل هذه المخطوطة مرجعاً بحرياً شاملاً، احتوى على معلومات دقيقة حول طرق الشحن القديمة، التيارات البحرية، وإرساء السفن، إلى جانب توصيف علمي وعملي للبيئة البحرية والكائنات التي تعيش فيها، من الحيتان إلى الثعابين البحرية والشعاب المرجانية.
سبق علمي في تقسيم الكرة الأرضية
في زمن لم تكن فيه الأجهزة الحديثة متوفرة، قسّم العلماء الأرض إلى سبعة مناطق محصورة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. غير أن أحمد بن ماجد قدّم في “النونية الكبرى” طرحاً مختلفاً، حيث أضاف سبع مناطق أخرى في الجنوب، ما يُعتبر سبقاً علمياً بارزاً في الجغرافيا البحرية.
رحلات توثق صورة الشعوب والبيئات
لم تكن “النونية الكبرى” مجرد دليل ملاحي، بل احتوت على توصيف دقيق للمجتمعات والثقافات التي صادفها المؤلف وطاقمه خلال رحلاتهم الطويلة، لتتحول بذلك إلى وثيقة إنسانية تسجل تفاعلات البشر والبيئة في سياق عالمي مبكر.
ما هو برنامج ذاكرة العالم؟
أُطلق برنامج ذاكرة العالم من قبل “اليونسكو” عام 1992، بهدف الحفاظ على التراث الوثائقي العالمي من التدهور، الفقدان، والنهب. ويشمل هذا البرنامج المخطوطات، الكتب، الوثائق السمعية والبصرية، الصور، الأفلام، والمحفوظات الوطنية التي تمثل قيماً ثقافية وإنسانية كبيرة.
سلطنة عمان والريادة في الحفاظ على التراث
إدراج “النونية الكبرى” ليس الأول من نوعه لعُمان، إذ سبق أن سُجلت في عام 2017 مخطوطة “معدن الأسرار في علم البحار” للبحار ناصر بن علي الخضوري. ويؤكد هذا الإنجاز حرص سلطنة عمان على توثيق وحماية تراثها البحري وإبرازه للعالم، كمكوّن رئيسي من الهوية الثقافية العمانية.