ترامب يُشعل فتيل حرب تجارية عالمية جديدة: التاريخ يعيد نفسه

تصعيد أمريكي يُربك الاقتصاد العالمي

في خطوة مثيرة للجدل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على الواردات من مختلف دول العالم، ما تسبب في إشعال فتيل حرب تجارية عالمية، وردت عليها الدول المتضررة بفرض رسوم على السلع الأمريكية.

النتيجة كانت انهيارًا في الأسواق المالية، واضطرابًا اقتصاديًّا عالميًّا يعيد إلى الأذهان أزمات تاريخية مشابهة كانت الولايات المتحدة نفسها أحد أطرافها الرئيسيين.


سياسة حمائية… تعيد كوارث الماضي

الحرب الحالية ليست الأولى التي تفتعلها واشنطن في تاريخها التجاري، بل هي امتداد لسلسلة نزاعات اقتصادية شنتها الولايات المتحدة عبر العقود، مستندة إلى نهج الحمائية التجارية، الذي أثبت فشله في أكثر من مناسبة.


قانون “سموت – هاولي”: بداية الكساد الكبير

في عام 1930، وقّع الرئيس الأمريكي هربرت هوفر قانون “سموت – هاولي”، الذي فرض رسومًا جمركية بنسبة تصل إلى 60% على أكثر من 20 ألف سلعة مستوردة.

وأدى هذا القانون إلى انهيار التجارة الدولية، حيث سارعت الدول إلى الرد بالمثل، لتشتعل أولى الحروب التجارية الكبرى في القرن العشرين، مما أسهم في تفاقم الكساد الكبير الذي هزّ العالم اقتصاديًا.


“حرب الدواجن” مع أوروبا

عام 1962، تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والسوق الأوروبية المشتركة بسبب الدواجن الأمريكية منخفضة التكلفة، ما دفع أوروبا إلى فرض رسوم جمركية لحماية صناعتها.

الرد الأمريكي لم يتأخر، حيث فرضت واشنطن رسومًا مضادة على عدد من السلع الأوروبية، لا تزال آثارها قائمة حتى اليوم، خصوصًا في قطاع السيارات الأوروبية.


الأخشاب الكندية في مرمى التجارة

وفي عام 1982، اندلعت “حرب الأخشاب” بين الولايات المتحدة وكندا، حينما قررت واشنطن فرض رسوم جمركية على الأخشاب الكندية، بسبب انخفاض أسعارها وتهديدها للصناعة المحلية.

أدت هذه الحرب إلى ارتفاع الأسعار بنسبة 40% في السوق الأمريكية، ما أضر بالمستهلكين بشكل مباشر، وأشعل خلافًا تجاريًا استمر لعقود.


صراع “الموز” مع أوروبا

واحدة من أغرب الحروب التجارية نشبت عام 1993، بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي رسومًا عالية على واردات الموز من أمريكا اللاتينية، التي تمتلكها شركات أمريكية.

الولايات المتحدة ردّت بإجراءات عقابية على منتجات أوروبية مختارة، منها الحقائب الفرنسية، والمفروشات البريطانية، واللحوم الدنماركية، وانتهى هذا النزاع رسميًا عام 2009، بعد اتفاق يقضي بتخفيف الرسوم حتى إلغائها تمامًا في 2012.


التاريخ يعيد نفسه

ما يحدث اليوم من فرض رسوم أمريكية على سلع عالمية يعكس نمطًا متكررًا من السياسات الحمائية التي لم تجلب سوى الأزمات.
ويبقى السؤال المطروح: هل تتجه الاقتصادات العالمية إلى مرحلة كساد جديدة بفعل هذه الحروب التجارية؟
أم أن هناك فرصة لاتفاقات تنقذ ما يمكن إنقاذه قبل تفاقم الخسائر؟

إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *