صيف الفرح.. موسم الزواج يعيد رسم ملامح العلاقات ويكشف عن وعي اجتماعي متجدد

مع بداية فصل الصيف، لا يكتفي الطقس بالارتفاع، بل ترتفع معه وتيرة الفرح في المجتمع السعودي، حيث تتحول المناسبات الاجتماعية إلى مشهد احتفائي متجدد، يتصدره موسم الزواج كأحد أبرز الملامح الثقافية التي تعكس نبض الحياة الاجتماعية وتجلياتها الأعمق.
موسم الصيف.. عنوان الفرح وتكثيف الروابط
يشهد فصل الصيف في السعودية كثافة ملحوظة في حفلات الزواج، حيث يفضل 74% من السعوديين إقامة حفلاتهم خلال هذه الفترة، لما تحمله من أجواء اجتماعية مفعمة بالتواصل والتفرغ. ويرى الدكتور رياض بن ناصر الفريجي، خبير الاتصال التنموي والتميز المؤسسي، أن هذه الظاهرة ليست مجرد عادة موسمية، بل تعبير عن حيوية المجتمع وتجدده، قائلاً:
“الزواج في حضوره الموسمي المتجدد يُمثّل نافذة لقراءة المجتمع من الداخل، حيث تتكثف المشاعر، وتتجدد الروابط، وتُستعاد قيم المشاركة والامتداد العائلي”.
الزواج مرآة للنضج الاجتماعي
يرى الفريجي أن تزايد حفلات الزواج هو مؤشر على مستوى النضج الاجتماعي في المجتمع السعودي، إذ تعكس هذه المناسبات مكانة الروابط الإنسانية وأهمية استقرارها. كما يشدد على ضرورة تبني خطاب إعلامي تنموي يعلي من قيم التماسك الأسري ويعزز مفاهيم الفرح الواعي.
“ثقافة الحضور”.. احترام يتجاوز المجاملة
أحد الجوانب المهمة التي أشار إليها الفريجي هو أهمية “ثقافة الحضور” في حفلات الزواج، معتبرًا أن تلبية الدعوات لا تُعد مجرد مشاركة شكلية، بل تمثل امتدادًا للمكانة الاجتماعية وتقديرًا للعلاقة الإنسانية.
“الحضور لا يعبّر عن المشاركة فحسب، بل يشكل امتدادًا للمكانة، وإقرارًا بقيمة العلاقة”، على حد وصفه.
تأخر الزواج.. الأسباب والدعوة إلى التيسير
في حديثه، أشار الفريجي إلى أن أكثر من 43% من حالات تأخر الزواج تعود إلى أسباب مادية، مما يستوجب إعادة النظر في أنماط التكاليف، والدعوة إلى خطاب إعلامي يكرّس ثقافة التيسير والواقعية في متطلبات الزواج. ويعتبر ذلك خطوة نحو تعزيز الاستقرار وتذليل العقبات أمام بناء الأسر الجديدة.
الإعلام التنموي.. مسؤولية نحو التغيير الإيجابي
أكد الفريجي أن الإعلام يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الصورة الإيجابية للزواج، ودعم القيم الاجتماعية الأصيلة عبر بناء خطاب يوازن بين الواقعية والطموح، مشيرًا إلى أهمية توجيه الرسائل الإعلامية لتسليط الضوء على التجارب الملهمة والتوجه نحو ترسيخ مفاهيم الوعي الأسري والاستقرار الاجتماعي.
الفرح الواعي.. بين الواقع والرسالة
في ختام حديثه، شدد الدكتور الفريجي على أن موسم الزواج ليس مجرد لحظة احتفالية، بل هو تقاطع بين اللحظة الاجتماعية والرسالة الاتصالية التي يمكنها أن تعيد تعريف الفرح وتجعله أكثر نضجًا وإنسانية.
“يتشكل واقعٌ يحتفي بالوعي ويُعيد تعريف الفرح من منظور يعلي من قيمة الإنسان والعلاقة، ويزرع أثرًا يستمر ما بعد المناسبة”.