نموذج ذكاء اصطناعي جديد يرصد مقاومة المضادات الحيوية بدقة غير مسبوقة
في اختراق علمي واعد بمواجهة أحد أخطر التحديات الصحية عالميًا، طوّر علماء من جامعة تولين الأمريكية نموذجًا جديدًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي يحمل اسم GAM، يتميز بقدرته العالية على اكتشاف الطفرات الجينية المرتبطة بمقاومة المضادات الحيوية، ما يُمهّد لعلاجات أسرع وأكثر دقة للأمراض المزمنة مثل السل والمكورات العنقودية الذهبية.
أزمة عالمية: مقاومة المضادات الحيوية تحت المجهر
تُمثل العدوى المقاومة للأدوية أحد أخطر التهديدات للصحة العامة في القرن الحالي، خصوصًا تلك الناتجة عن بكتيريا مثل المتفطرة السلية (مسببة مرض السل)، والمكورات العنقودية الذهبية، حيث تتسبب في علاجات معقدة، وتكاليف مرتفعة، ونسب وفيات عالية. وتشير بيانات منظمة الصحة العالمية إلى إصابة أكثر من 450 ألف شخص بسل مقاوم للأدوية المتعددة في عام 2021، مع نسبة نجاح علاجي لم تتجاوز 57%.
نموذج GAM: بصمة جينية ذكية تكشف المقاومة
بحسب الدراسة المنشورة في مجلة Nature Communications، يعتمد نموذج GAM على تحليل تسلسل الجينوم الكامل للبكتيريا، دون الحاجة إلى معرفة مسبقة بالتحولات المرتبطة بالمقاومة، ليكشف بدقة أنماط الطفرات الجينية التي تؤشر إلى مقاومة الأدوية، متفوقًا على الأساليب التقليدية التي كثيرًا ما تنتج عنها نتائج إيجابية خاطئة.
ويقول الدكتور توني هو، رئيس فريق البحث: “نُعلّم الحاسوب كيف يكتشف أنماط المقاومة من البصمة الجينية للبكتيريا، دون تدخل بشري مباشر في تحديد هذه الأنماط”.
أداء متفوق وتطبيقات واسعة
عند اختبار النموذج على أكثر من 7000 سلالة من بكتيريا السل و4000 سلالة من المكورات العنقودية الذهبية، تفوق نموذج GAM على قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية، وقلل بشكل كبير من النتائج الخاطئة التي قد تؤدي إلى وصفات طبية غير فعالة أو مفرطة الخطورة.
أداة قابلة للتوسّع خارج المجال الطبي
واحدة من أبرز مزايا النموذج، بحسب الباحثين، أنه لا يعتمد على قواعد جامدة، ما يتيح إمكانية تطبيقه على بكتيريا أخرى، بل وحتى في الزراعة لمكافحة مقاومة المضادات في المحاصيل الزراعية، وهو ما يجعله أداة استراتيجية في مواجهة تهديدات صحية وبيئية متنامية.
التنبؤ المبكر: إنقاذ حياة المرضى وتقليل التكاليف
يمكّن النموذج الأطباء من التنبؤ بالمقاومة حتى في حال توفر بيانات محدودة، ما يُساعد في اتخاذ قرارات علاجية مبكرة قبل تفاقم العدوى، الأمر الذي قد يُنقذ أرواحًا ويُقلل من مدة الإقامة في المستشفيات وتكاليف الرعاية الصحية.
