دراسة حديثة: كيف يؤثر الجري لمسافات طويلة على دماغ العدائين؟

تغييرات مدهشة في الدماغ أثناء الماراثون
كشفت دراسة إسبانية حديثة عن تغييرات غير متوقعة تحدث في أدمغة العدائين أثناء خوضهم سباقات الماراثون، حيث وجد الباحثون انخفاضًا مؤقتًا في مادة المايلين، التي تلعب دورًا أساسيًا في تسريع الاتصال العصبي داخل الدماغ. وتشير النتائج إلى أن الدماغ قد يلجأ إلى استهلاك الدهون المخزنة في المايلين كمصدر طارئ للطاقة خلال فترات الإجهاد الشديد.
المايلين.. مخزون طاقة غير متوقع؟
يعد المايلين مادة دهنية تحيط بالخلايا العصبية، وتشكل 70% إلى 80% من مكوناتها، مما يجعلها أحد العناصر الأساسية في أداء الدماغ. وقد أظهرت دراسات سابقة على القوارض أن الدماغ قادر على استهلاك الدهون المخزنة في المايلين عند الحاجة، وهو ما يدعم الفرضية الجديدة بأن العدائين يتعرضون لتغيير مؤقت في هذه المادة بسبب الجهد الشديد.
التجربة العلمية: تصوير الدماغ قبل وبعد الماراثون
أجرى الباحثون تصويرًا بالرنين المغناطيسي (MRI) لعشرة عدائين قبل خوضهم سباق الماراثون، ثم أعيد التصوير بعد يوم أو يومين من السباق، ولاحظوا انخفاضًا كبيرًا في مستويات المايلين في المناطق المسؤولة عن التنسيق الحركي والاندماج الحسي والعاطفي.
وفي متابعة لاحقة بعد أسبوعين وشهرين، ارتفعت مستويات المايلين تدريجيًا، لكنها لم تعد إلى حالتها الأصلية بالكامل إلا بعد مرور شهرين، مما يثبت أن التأثير مؤقت وقابل للعكس.
ما الذي تعنيه هذه النتائج؟
تشير هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة Nature Metabolism، إلى أن الدماغ يتكيف مع التمارين الرياضية الشديدة بطريقة غير متوقعة، حيث يمكنه إعادة توزيع مخزون الطاقة عند الحاجة. ومع ذلك، يؤكد الباحثون أن حجم العينة صغير، مما يستدعي إجراء مزيد من الأبحاث لتأكيد هذه الظاهرة ومعرفة مدى تأثيرها على الوظائف العقلية والجسدية للعدائين.
هل يمكن أن يؤثر هذا على الصحة العصبية؟
لا تزال هناك تساؤلات مفتوحة حول ما إذا كان انخفاض المايلين مؤقتًا يؤثر على الأداء الذهني أو الحركي للعدائين، أو ما إذا كانت التمارين الطويلة الأخرى يمكن أن تسبب تأثيرات مماثلة في مناطق مختلفة من الدماغ. كما يطرح الباحثون احتمال أن يكون لهذه الظاهرة صلة ببعض الأمراض العصبية التي تترافق مع فقدان المايلين، مما قد يفتح آفاقًا جديدة في فهم آليات استهلاك الدماغ للطاقة.