“الله لا يحب الظالمين”.. رسالة قرآنية للعدل ورد الحقوق

في الحلقة السادسة من “سلسلة الله لا يحب” خلال شهر رمضان المبارك، نتأمل أحد المواضع المهمة في القرآن الكريم التي يوجّه فيها الله عز وجل عباده إلى اجتناب الظلم، ويؤكد أنه لا يحب الظالمين.
الظلم في القرآن.. تحذير إلهي ووعيد للكافرين
يقول الله تعالى في سورة آل عمران (الآية 57):
“وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ”
ويشير معنى قوله تعالى “والله لا يحب الظالمين” إلى أن الله لا يحب من يعتدي على حقوق الآخرين، أو يضع الأمور في غير مواضعها، حيث يتناقض الظلم مع العدل الإلهي الذي يحاسب كل إنسان وفق أعماله.
كما ينفي الله سبحانه وتعالى عن نفسه أي شكل من أشكال الظلم لعباده، فهو لا يساوي بين:
- المؤمن المحسن الذي يطيعه ويتبع أوامره.
- المسيء الكافر الذي يعصي الله ويكذب رسله.
رسالة وعيد للكافرين ووعد للمؤمنين
رغم أن الآية جاءت في سياق خبري، إلا أنها تحمل وعيدًا شديدًا للكافرين، الذين ينكرون الحق ويخالفون أمر الله، في حين أنها تبشر المؤمنين بأنهم سينالون أجورهم كاملة دون نقصان.
مفهوم العدل الإلهي في القرآن
- لا يُجازى المسيء بعقوبة المحسن.
- لا يُعطى الظالم حقوق المظلوم.
- لا يُظلم أحد عند الله، فكل إنسان يُحاسب على عمله.
لماذا لا يحب الله الظالمين؟
1. الظلم يناقض العدل
العدل هو أساس الحكم الإلهي، ولذلك فإن الله يكره الظلم بكل أشكاله، سواء كان ظلم النفس أو ظلم الآخرين.
2. الظلم يؤدي إلى الفساد في الأرض
عندما يسود الظلم، تنتشر المعاناة والفساد والفوضى، وهذا يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى إقامة العدل وتحقيق الأمن.
3. الظلم سبب للهلاك في الدنيا والآخرة
أخبرنا القرآن عن عاقبة الظالمين في الدنيا والآخرة، حيث يقول الله تعالى:
“وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ” (إبراهيم: 42)
وهذا تأكيد على أن عاقبة الظالم وخيمة، حتى وإن أُمهل لفترة من الزمن.
كيف نتجنب الظلم ونحقق العدل؟
1. الالتزام بالحق ورد المظالم
على الإنسان أن يجتنب الاعتداء على حقوق الآخرين، سواء كان ذلك في المال، الكلمة، الأمانة، أو التعاملات اليومية.
2. اتباع أوامر الله ورسوله
العدل من أعظم الصفات التي دعا إليها الإسلام، وهو أساس النجاة في الدنيا والآخرة.
3. مساعدة المظلومين والتصدي للظلم
الوقوف مع الحق ومساندة الضعفاء واجب شرعي وأخلاقي، حيث قال النبي ﷺ:
“انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا” (رواه البخاري)، وعندما سُئل عن كيفية نصرة الظالم، قال: “تأخذ فوق يديه”، أي تمنعه من ظلمه.
الخاتمة
تحمل آية “والله لا يحب الظالمين” رسالة واضحة لكل إنسان: الظلم مرفوض بكل أشكاله، والعاقبة للعدل والحق. فالمؤمن الذي يلتزم بالعدل سوف يُجازى بالخير في الدنيا والآخرة، بينما الظالم ينتظره عقاب محتوم، إن لم يتب إلى الله ويرد الحقوق إلى أصحابها.