“كنز التمر”.. رحلة الأجداد مع التخزين حتى عصر التصنيع الحديث

لطالما كان التمر الغذاء الأساسي لسكان الجزيرة العربية، حيث حرص الآباء والأجداد على تخزينه بطريقة تقليدية تُعرف بـ”الكنيز” لضمان توفره طوال العام. قبل ظهور مصانع التمور وأجهزة التبريد، كانت “الجصة” الوسيلة الأبرز لحفظ التمر، وهي غرفة مخصصة لهذا الغرض. ومع تطور الزمن، شهد قطاع تصنيع التمور في المملكة قفزات نوعية، حتى أصبحت السعودية إحدى الدول الرائدة في إنتاج وتصدير التمور عالميًا.

“كنز التمر”.. تقنيات حفظ تقليدية

اعتمد الأجداد على طرق يدوية في حفظ التمور، حيث كان يتم اختيار أجود الأنواع مثل السلج والخضري، اللذين كانا مفضلين لدى أهالي الرياض قديمًا. تبدأ العملية بفرز التمر وتنقيته، ثم غسله سريعًا حتى لا يتضرر. بعد ذلك، يتم رصّه في أوانٍ كبيرة مثل “التنك” أو القدور، مع إضافة وزن ثقيل لضغطه، حتى يتحول التمر بعد فترة إلى قوام طري مستساغ، ويظهر عليه الدبس علامةً لجاهزيته.

    "كنز التمر".. رحلة الأجداد مع التخزين حتى عصر التصنيع الحديث

Newest Cars

في بعض الحالات، كان يُضاف حبوب الشمر لمنح التمر نكهة مميزة، حسب رغبة صاحب المحصول.

“الجصة”.. غرف تخزين التمور عند الأجداد

لم يكن أي منزل قديم يخلو من “الجصة”، وهي غرفة صغيرة مطلية بالجص لمنع تأثر التمر بجدران الطين. كانت هذه الغرفة تُبنى داخل البيوت، وتُستخدم لحفظ التمر بطريقة تقليدية، حيث يُرصّ داخلها ثم يُغلق بإحكام لمنع دخول الهواء.

تتراوح سعة “الجصة” من 150 إلى 800 كيلوجرام من التمر، ويخرج منها الدبس عبر فتحة صغيرة تُسمى “مدبسة”، ليُعاد سكبه على التمر لمنحه طراوة ولمعانًا إضافيًا.

تاريخ تصنيع التمور في المملكة.. من “الكنيز” إلى المصانع

شهد قطاع تصنيع التمور في السعودية تطورًا كبيرًا خلال العقود الماضية، حيث بدأ أول مصنع لمعالجة وفرز وتعبئة التمور عام 1384هـ في المدينة المنورة بطاقة إنتاجية بلغت 3 آلاف طن سنويًا.

ثم تأسس مصنعان جديدان:

  • المصنع الوطني لتعبئة التمور بالمدينة المنورة (1388هـ) بطاقة إنتاجية 300 طن سنويًا.
  • مصنع تمور وزارة الزراعة بالأحساء (1402هـ) بطاقة 21 ألف طن سنويًا.

وخلال الفترة من 1402هـ إلى 1419هـ، تم التصريح لـ48 مصنعًا للتمور، وبحلول عام 1431هـ، ارتفع العدد إلى 145 مصنعًا، مما جعل السعودية رائدة في إنتاج وتصنيع التمور ومشتقاتها.

أفضل طرق تخزين التمور وفق “الغذاء والدواء”

أوصت الهيئة العامة للغذاء والدواء بعدة طرق حديثة لحفظ التمور لضمان جودتها، وتشمل:

  • التجميد: يُعد الأفضل لأنه يقلل نمو الأحياء الدقيقة ويبطئ عمليات الأكسدة، ويفضل أن يكون عند أقل درجة حرارة ممكنة.
  • التبريد: يُستخدم لحفظ التمور في عبوات محكمة تمنع تعرضها للرطوبة، وتصل مدة الحفظ بهذه الطريقة إلى ثلاثة أشهر.
  • التجفيف: يُستخدم لخفض الرطوبة لمنع نمو الأحياء الدقيقة، مما يسمح بحفظ التمور لمدة عام كامل.

السعودية في مقدمة مصدّري التمور عالميًا

بفضل التقنيات الحديثة والتوسع في الإنتاج، أصبحت السعودية اليوم من أكبر الدول المصدّرة للتمور عالميًا، حيث يتم تصدير التمور السعودية إلى أكثر من 100 دولة، مع التزام المصانع بأحدث معايير الجودة والتعبئة والتغليف.

إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *