هاشم عبده هاشم.. مسيرة استثنائية بين الاغتيال والاختطاف والاستتابة

كشف الكاتب والصحفي البارز الدكتور هاشم عبده هاشم عن تفاصيل درامية من حياته، تضمنت محاولة اغتيال بسبب زواجه، واختطافًا في القاهرة نتيجة قراراته الصحفية، واستدعاءً للاستتابة بسبب مقال أثار الجدل. ورغم كل هذه المحطات العاصفة، يبقى العنوان الذي يتمناه بعد رحيله بسيطًا لكنه معبّر: “رحم الله ذلك الرجل”.
جاء ذلك خلال لقائه في برنامج “الليوان” مع الإعلامي عبدالله المديفر، حيث فتح صفحات من ماضيه لم تُكشف من قبل، مسلطًا الضوء على لحظات مفصلية صنعت تجربته الصحفية الفريدة.
رصاصة الغدر بسبب الزواج
في سن 17 أو 18 عامًا، كاد هاشم عبده هاشم أن يفقد حياته بعد أن تعرض لمحاولة اغتيال بسبب زواجه. فبعد أن خطبت له والدته فتاة ريفية، لم يكن يعلم أن قراره بالزواج سيثير عداوة غير متوقعة.
يقول هاشم: “كنت أذهب للصلاة في المسجد القريب من منزلي، وفي إحدى الليالي، وبينما كنت أعود إلى البيت، فوجئت بشخص يعترض طريقي ويطلق عليّ النار. لكنني بفضل سرعة بديهتي اندفعت إلى أقرب باب، فأصابت الرصاصة باب المنزل المجاور”.
وكشفت التحقيقات أن الجاني كان خطيب الفتاة السابق، الذي قرر الانتقام منه. لكن القصة لم تنتهِ هنا، إذ سمع لاحقًا أن هناك احتمالية لارتباط الحادث بمسؤول كبير كتب عنه في الصحافة لاحقًا، مما جعل هذه الحادثة نقطة تحول كبيرة في حياته.
اختطاف في القاهرة.. قرارات عكاظ التي كادت أن تودي بحياته
عندما تولى رئاسة تحرير صحيفة عكاظ، قرر إعادة هيكلة الصحيفة، ما تسبب في صدامات قوية، خاصة بعد الاستغناء عن بعض الموظفين المصريين الذين كانوا يسيطرون على إدارتها.
وبسبب قراراته، وجد نفسه مستهدفًا في القاهرة، حيث تم اختطافه من قبل مجموعة مجهولة تحت غطاء رسمي، وتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي داخل سيارة خاصة.
يقول: “تعرضت للضرب، وأحدهم كان يحمل سيجارة مشتعلة ويطفئها على جسدي، وكانوا يسألونني عن قراراتي في عكاظ، متهمين إياي بأنني أقود حملة ضد الصحفيين المصريين”.
لكن بفضل اتصالات السكرتير الذي كان يرافقه مع المسؤول السعودي إياد مدني، بدأت جهات سعودية عليا التحرك، مما أجبر الخاطفين على إطلاق سراحه ونقله مباشرة إلى المطار لترحيله بالقوة.
مقال أغضب الشيخ ابن باز.. واستدعاء للاستتابة
لم تكن المعارك التي خاضها هاشم عبده هاشم مقتصرة على الصحافة والسياسة، بل امتدت إلى الجانب الديني، عندما نشر مقالًا أثار غضب الشيخ عبدالعزيز بن باز، ما استدعى استدعاءه للاستتابة.
كان السبب جملة كتبها عن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، حيث قال:
“الرئيس الأمريكي الجديد يتصرف وكأنه يدير شؤون هذا الكون”.
اعتبر الشيخ ابن باز أن هذه العبارة تحمل معنى دينيًا خطيرًا قد يصل إلى “الإشراك بالله”، وطُلب من هاشم أن يتراجع عن المقال.
يقول هاشم: “تم الترتيب لمقابلتي مع الشيخ ابن باز برفقة الشيخ صالح بن حميد، وعند وصولي، واجهني بغضب شديد، قائلاً: ‘هذا كفر وتجنٍ، من هو كلينتون حتى تقول عنه ذلك؟!'”.
بعد مناقشات طويلة، تم التوصل إلى حل وسط، حيث نشر بيانًا رسميًا في الصحيفة يتراجع فيه عن المقال ويقدم اعتذارًا، معتبرًا أن ذلك كان جزءًا من مسؤوليته كرئيس تحرير.
“رحم الله ذلك الرجل”.. العنوان الذي يريده بعد رحيله
بعد حياة حافلة بالتحديات، سُئل الدكتور هاشم عبده هاشم عن العنوان الذي يود أن يُكتب عنه بعد وفاته، فأجاب بكل بساطة:
“رحم الله ذلك الرجل”.
عبارة تعكس تواضعه رغم ما واجهه من محن وصراعات قاسية، وتلخص مسيرة رجل واجه الموت والاختطاف والاستتابة لكنه بقي صامدًا حتى النهاية.