قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك.. حين أنقذهم الصدق من الهلاك

التخلف عن الجهاد.. اختبار إيماني صعب

في واحدة من أكثر الاختبارات الإيمانية صعوبة، تخلف ثلاثة رجال من الصحابة عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، رغم أن المسلمين استنفروا جميعًا للجهاد. هؤلاء الثلاثة هم:

  • كعب بن مالك (الشاعر والصحابي الجليل).
  • مرارة بن الربيع.
  • هلال بن أمية.

ورغم خطورة الموقف، إلا أنهم لم يلجؤوا إلى الأعذار الكاذبة، بل اختاروا الصدق والاعتراف بتقصيرهم، وهو ما جعل الله يتوب عليهم ويغفر لهم بعد خمسين يومًا من العزلة والمقاطعة.

   

مفاجآت حول مصرع المصرية آية عادل في الأردن

التفاصيل الكاملة من هنا

اعتراف كعب بن مالك بالذنب أمام الرسول

يقول كعب بن مالك في حديث متواتر: عندما حان وقت تجهيز الجيش، تكاسلت عن الاستعداد وقلت في نفسي إنني سألحق بالنبي لاحقًا، ولكن لم أفعل. وعندما عاد المسلمون إلى المدينة، حاولت البحث عن عذر مقنع للخروج من سخط رسول الله، ولكنني أدركت أن النجاة لا تكون إلا بالصدق.

فلما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، تبسم تبسم المغضب، وقال:

“ما خلفك؟”

فأجبته:

“يا رسول الله، والله لو جلست إلى غيرك من أهل الدنيا، لخرجت من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلًا، ولكن والله ما كان لي عذر.”

فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

“أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك.”

ومن هنا، بدأت أزمة الثلاثة الذين تخلفوا.

العقوبة والمقاطعة الاجتماعية

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة عن الحديث مع كعب ورفاقه، فبدأت مقاطعة تامة لهم، حتى أنهم كانوا يسلمون على الناس في الأسواق ولكن لا أحد يرد عليهم.

أما مرارة بن الربيع وهلال بن أمية، فقد استسلما للعزلة، بينما كان كعب بن مالك يحاول الصمود، إلا أن الأيام كانت تمر ثقيلة وصعبة.

رسالة ملك غسان.. فتنة أخرى

وفي ظل هذه العزلة، تلقى كعب بن مالك رسالة من ملك غسان، يقول له فيها:

“تعال إلينا نواسيك بعد أن هجرك صاحبك.”

ولكن كعب كان ثابتًا في ولائه، وقال:

“هذا من البلاء أيضًا!”

ثم أحرق الرسالة حتى لا يكون هناك شك في صدقه وإخلاصه لله ورسوله.

الفرج بعد خمسين يومًا من التوبة

وبعد خمسين ليلة، أذن الله بالفرج، فنزلت الآية الكريمة في توبتهم:

*”وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ” (التوبة: 118).

جاء رجل إلى كعب يبشره بالتوبة، ففرح فرحًا شديدًا وسجد شكرًا لله، ثم ذهب إلى المسجد حيث استقبله النبي صلى الله عليه وسلم بابتسامة عريضة، وقال له:

“أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك.”

دروس عظيمة من القصة

1- الصدق نجاة ولو بعد حين

رغم العقوبة والمقاطعة، كان صدق كعب ورفاقه هو السبب في توبتهم، بينما المنافقون الذين كذبوا لم يغفر لهم الله.

2- الطاعة المطلقة لأوامر النبي

الصحابة التزموا بمقاطعة الثلاثة حتى مع صعوبة الموقف، مما يبرز ولاء الصحابة الصادق لله ولرسوله.

3- الثبات على الإيمان رغم الإغراءات

رفض كعب إغراء ملك غسان رغم وحدته، مما يعكس قوة إيمانه وإخلاصه.

4- أهمية التوبة الصادقة

حتى مع الذنب الكبير، كان الاعتراف والتوبة الصادقة طريقًا للغفران.

تظل قصة كعب بن مالك ورفاقه درسًا خالدًا في الصدق والثبات على الحق، حيث أظهروا أن العودة إلى الله هي الملجأ الوحيد حين تضيق الأرض رغم رحابتها.

 

إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *