أبو العتاهية وخادمه.. درس في القناعة والاقتصاد حتى بعد الموت

في زوايا التاريخ، تتجلى قصص تحمل بين طياتها دروسًا عميقة في القناعة والزهد، ومن بين هذه القصص تبرز حكاية الشاعر الزاهد أبي العتاهية مع خادمه الأسود الطويل، والتي بقيت خالدة عبر الزمن كمثال على التمسك بالبساطة والاقتصاد في الحياة والممات.

طلب زيادة رغيف واحد.. والرد كان غير متوقع

كان الخادم يعمل بجد طيلة النهار، لكنه لم يكن يحصل إلا على رغيفين من الخبز يوميًا، وهو ما لم يكن كافيًا له. ضاق به الحال، فقرر اللجوء إلى ابن عيسى ليطلب منه التدخل لدى أبي العتاهية ليزيد له رغيفًا واحدًا فقط.

    أبو العتاهية وخادمه.. درس في القناعة والاقتصاد حتى بعد الموت

Newest Cars

تعاطف ابن عيسى مع طلبه، ووعده بالتحدث مع الشاعر الزاهد. وعندما طرح الأمر عليه، جاء رد أبي العتاهية مفاجئًا وغير متوقع، حيث قال:
“من لم يكتفِ بالقليل، فلن يكتفي بالكثير، ومن ترك لشهوته العنان، هلك”.

رفض أبو العتاهية طلب الخادم، متمسكًا بمبدئه في القناعة والزهد، غير مكترث بالإلحاح أو العاطفة.

الرحيل وكفن بالٍ.. استمرارية الزهد حتى الموت

مرّت الأيام، ورحل الخادم عن الدنيا، وعندما جاء وقت تكفينه، تفاجأ ابن عيسى بأن أبا العتاهية كفّنه بكفن قديم وبالٍ.

اعترض ابن عيسى، وطالبه بكفن جديد يليق بالخادم، لكن رد أبي العتاهية كان صارمًا:
“الكفن سيبلى، والحيّ أولى بالجديد من الميت”.

وقف ابن عيسى متأملًا حكمة الرجل، ثم قال معجبًا بموقفه:
“يرحمك الله يا أبا إسحاق، فقد عوّدته الاقتصاد حيًا وميتًا”.

القناعة.. درس خالد عبر الزمن

تحمل هذه القصة رسائل قوية في القناعة والزهد، حيث جسّد أبو العتاهية مبدأ الرضا بالقليل وعدم الانجراف خلف الشهوات، وهي قيم ظل متمسكًا بها حتى آخر لحظاته، بل وسعى لنقلها إلى من حوله، سواء أكانوا أحياء أم أمواتًا.

إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *