أبو دلامة.. الشاعر الذي حوّل ساحة المعركة إلى مشهد ساخر لا يُنسى

في واحدة من أغرب المواقف التي شهدتها حروب العباسيين ضد الخوارج، وجد الشاعر المعروف أبو دلامة نفسه مجبرًا على القتال بعدما أقسم الخليفة على إرساله إلى الجبهة، لكنه لم يكن فارسًا ولا محاربًا، بل صاحب لسان فصيح ودهاء شديد، فحوّل المعركة إلى مشهد كوميدي لا يزال يروى حتى اليوم.

حيلة أبي دلامة الأولى.. سلاح وفرس ثم هروب!

عندما التقى الجيشان، ادّعى أبو دلامة أمام القائد روح بن حاتم المهلبي أنه كان بإمكانه تغيير مجرى المعركة لو كان يمتطي فرسًا ويحمل سلاحًا، فاستجاب القائد لطلبه ومنحه فرسًا وسلاحًا، لكن ردّ فعل أبي دلامة كان مفاجئًا للجميع، إذ تراجع قائلاً:

   

مفاجآت حول مصرع المصرية آية عادل في الأردن

التفاصيل الكاملة من هنا

“أيها الأمير، هذا مقام العائذ بك، وقد قلت بيتين فاسمعهما!”

ثم أنشد:

إني استجرتك أن أقدم في الوغى
لتطاعنٍ وتـنـازلٍ وضـراب

فهب السيوف رأيتها مشهورةً
فتركتها ومضيت في الهـراب

مبارزة مؤجلة.. بحجة الجوع!

رغم مراوغة أبي دلامة، أصر القائد على مشاركته في القتال، وعندما خرج أحد الخوارج يطلب المبارزة، أمره روح بالتقدم. لكن الشاعر تحايل مجددًا، قائلاً إنه جائع ويحتاج إلى طعام قبل القتال، فتم منحه رغيفين ودجاجة.

نقاش ذكي يحسم المواجهة دون قتال

بدلًا من القتال، توجه أبو دلامة إلى الخصم مباشرةً، وبدأ بحوار فكري معه، مذكّرًا إياه بأنه لا يجوز قتل من لا يقاتل، وأنهما ليسا أعداء بل يحملان نفس الأفكار. وبعد نقاش قصير، اقتنع الرجل وطلب من الشاعر الانصراف، إلا أن الأخير أصرّ على مشاركته الطعام أمام الجيشين كرمز للمودة.

ضحكات العسكر وموقف لا يُنسى

وقف الجنود يشاهدون المشهد الغريب، وسط ضحكات الجميع، ثم عاد أبو دلامة إلى القائد روح بن حاتم قائلًا:
“أما أنا فقد كفيتك قرني، فقل لغيري أن يكفيك قرنه كما كفيتك!”

أبو دلامة.. شاعر الطرافة والذكاء

يعد أبو دلامة من أبرز الشعراء الظرفاء في العصر العباسي، حيث عرف بأسلوبه الفريد في المزاح والتلاعب بالكلمات للخروج من المواقف المحرجة، ليصبح اسمه مقرونًا بالفطنة والذكاء الاجتماعي، حتى في ميادين القتال!

إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *