كارثة نووية إدارية.. كيف كشفت عمليات الفصل العشوائية ضعف إدارة الأمن القومي الأمريكي؟

ليلة عيد الحب.. تسريح مفاجئ يضرب إدارة الأمن النووي الوطني
في ليلة كان يفترض أن تكون مليئة بالهدايا والمفاجآت، تلقى مئات العاملين في إدارة الأمن النووي الوطني الأمريكي صدمة غير متوقعة؛ خطابات فصل مفاجئة أرسلتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، في خطوة أثارت غضبًا واسعًا وفضحت خللًا إداريًا خطيرًا داخل إحدى أكثر الوكالات الحكومية حساسية في الولايات المتحدة.
قرارات عشوائية تضرب الأمن النووي الأمريكي
في فبراير 2021، قامت إدارة ترامب بتسريح 17% من العاملين في إدارة الأمن النووي، ضاربة بعرض الحائط تحذيرات كبار المسؤولين. لم يكن هؤلاء مجرد موظفين عاديين؛ بل هم المسؤولون عن:
- تأمين أكثر من 5000 رأس نووي.
- منع التسربات الإشعاعية والكوارث البيئية.
- ضمان سلامة المنشآت النووية ومنع وقوع أي حوادث عرضية.
لكن قرار فصلهم جاء عبر بريد إلكتروني مختصر، دون الأخذ بعين الاعتبار خطورة أدوارهم، وفقًا لما نشرته صحيفة “واشنطن بوست”.
رد فعل عنيف وإعادة توظيف فوضوية
لم تمر هذه الخطوة دون ردود أفعال قوية؛ فقد انهالت المكالمات المذعورة على مكتب وزير الطاقة كريس رايت، من قبل أعضاء الكونغرس، بمن فيهم جمهوريون داعمون لترامب. وتحت الضغط، تمت إعادة توظيف معظم العمال المفصولين خلال 24 ساعة، ولكن الضرر كان قد وقع بالفعل.
وبدأت عملية إعادة التوظيف بنفس العشوائية التي حدثت بها عمليات الفصل؛ حيث تلقى بعض العمال خطابات مختصرة تخبرهم بأن قرار فصلهم قد تم التراجع عنه، بينما علم آخرون بعودتهم للعمل من خلال الصحف، في حين تم فصل بعضهم مرة أخرى بعد ساعات فقط من إعادة تعيينهم!
ضربة للمنشآت النووية.. وخطر أمني يلوح في الأفق
لم يكن القرار مجرد خلل إداري، بل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي؛ فقد شملت عمليات الفصل:
- عمالًا أساسيين في مصنع “بانتكس” في تكساس، المنشأة الوحيدة في الولايات المتحدة القادرة على تفكيك الرؤوس النووية القديمة بأمان.
- خبراء من مختبر لوس ألاموس الوطني، الذي يعد حجر الأساس في البرنامج النووي الأمريكي منذ أكثر من 80 عامًا.
كما تم تسريح العديد من حاملي تصريح الأمان “Q”، وهو أعلى مستوى أمني يتيح الوصول إلى أسرار نووية حساسة، مما أثار مخاوف من إمكانية استغلالهم من قبل دول مارقة أو جماعات إرهابية، خاصة في ظل حاجتهم للعمل بعد فقدان وظائفهم.
أزمة بيئية وصحية بسبب التخفيضات
إلى جانب تهديد الأمن القومي، أسفرت عمليات الفصل أيضًا عن أضرار بيئية خطيرة؛ فقد تم تسريح عشرات العمال المسؤولين عن تنظيف المواقع النووية الملوثة من حقبة الحرب الباردة، مما يزيد من احتمالية وقوع كوارث إشعاعية وصحية في المستقبل.
انتقادات واسعة وسؤال حول مستقبل الأمن النووي
واجهت إدارة ترامب انتقادات واسعة من مشرعين ديمقراطيين طالبوا بمساءلة الحكومة عن هذه القرارات المتسرعة، مؤكدين أن مثل هذه الخطوات تهدد الأمن القومي الأمريكي وتكشف سوء إدارة كارثي داخل أجهزة الدولة الحساسة.
حتى مؤسسة “هيريتيج” المحافظة، التي عادة ما تدافع عن سياسات ترامب، وصفت الوضع بأنه “إدارة نووية فاشلة”، مشيرة إلى أن تحديث الترسانة النووية يتأخر باستمرار، وأن الأزمة المالية ليست مبررًا لهذه القرارات غير المدروسة.
أما خبراء معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، فقد وصفوا عمليات الفصل بأنها “ساذجة وخطيرة”، وحذروا من أن فقدان الخبرات المتخصصة قد يؤدي إلى كوارث نووية غير مسبوقة، مثل حرائق إشعاعية أو تسربات قاتلة.
هل تتكرر الكارثة؟
ما حدث في إدارة الأمن النووي الوطني الأمريكي ليس مجرد خطأ إداري، بل جرس إنذار حول المخاطر التي يمكن أن تنجم عن تطبيق أساليب القطاع الخاص في إدارة الوكالات الحكومية ذات المهام الحساسة. وبينما يحاول المسؤولون احتواء الأضرار، يظل السؤال مفتوحًا: هل تعلمت الإدارة الدرس، أم أن الأمن النووي الأمريكي ما زال عرضة لقرارات كارثية أخرى؟