دراسة سعودية تكشف دور جين جديد في تشوّهات القلب عند الأطفال

في إنجاز بحثي جديد، كشفت دراسة علمية قادها باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أن جينًا جديدًا يحمل اسم “CIROZ” يلعب دورًا رئيسيًا في تشوّهات القلب واختلال تموضع الأعضاء الداخلية لدى الأطفال. جاء هذا الاكتشاف بالتعاون مع مؤسسات بحثية عالمية، من بينها جامعات ومستشفيات سعودية.
الوراثة والأمراض النادرة في المملكة
تسهم هذه الدراسة في فهم أعمق للأمراض الوراثية، والتي تُسجَّل في المملكة العربية السعودية بمعدلات أعلى من المتوسط العالمي، نظرًا للعوامل الجينية والتركيبة السكانية الفريدة للمنطقة.
شارك في البحث البروفيسور برونو ريفيرسادي، الأستاذ في “كاوست”، إلى جانب فريق من العلماء والأطباء من مؤسسات بحثية وطبية رائدة. ونُشرت النتائج في مجلة Nature Genetics، حيث تناولت الدراسة العلاقة بين الجينات الوراثية وتأثيرها على الصحة العامة.
اكتشاف دور “CIROZ” في تشوّهات القلب
وفقًا للدراسة، فإن الطفرات في الجين CIROZ تؤدي إلى تشوّهات حادة في القلب عند الأطفال، وهي حالة قد تكون مهددة للحياة. جاء هذا الاكتشاف بعد تحليل عيّنات من 16 مريضًا ينتمون إلى 10 عائلات، من بينها أربع عائلات سعودية، حيث لوحظ أن تعطّل الجين يؤدي إلى اضطراب كبير في تكوين الأعضاء الداخلية خلال مرحلة التطور الجنيني.
كيف تحدث تشوّهات الأعضاء الداخلية؟
على الرغم من أن الجسم يبدو متناظرًا من الخارج، إلا أن الأعضاء الداخلية تتوزع بشكل غير متماثل، حيث يتموضع القلب في الجهة اليسرى والكبد في الجهة اليمنى. هذا التوزيع يحدث في مرحلة مبكرة جدًا من تطور الجنين، وأي اضطراب في هذه المرحلة قد يؤدي إلى اختلال تموضع الأعضاء، وهي حالة تُسجل بمعدل 1 لكل 10,000 ولادة عالميًا.
نتائج خطيرة على صحة الأطفال
بحسب الدراسة، فإن بعض هذه الحالات قد لا تؤثر على جودة الحياة، لكن في الحالات الحادة، قد تكون مهددة للحياة. من بين الأطفال الـ16 الذين شملتهم الدراسة، توفي 5 أطفال قبل بلوغ عامهم الأول بسبب التشوّهات الحادة في القلب.
عند اختبار الجين CIROZ في كائنات حية أخرى، وجد الباحثون أنه يلعب دورًا أساسيًا في تطور الثدييات، بما في ذلك الإنسان، ما يشير إلى أن وظيفته قد تطورت عبر الزمن.
أهمية الدراسة في تطوير التشخيص والعلاج
الدكتور نايف المنتشري، الأستاذ المشارك في جامعة طيبة وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة، أشار إلى أن كثيرًا من الأمراض الوراثية تبقى دون تشخيص، مؤكدًا أن هذا الاكتشاف سيمكن العلماء من تطوير استراتيجيات وقائية وعلاجات شافية.
البروفيسور برونو ريفيرسادي شدد على أن الأمراض الوراثية منتشرة في الشرق الأوسط، وأن الهدف من الدراسة هو تحسين أدوات التشخيص للأمراض الوراثية النادرة في المملكة.
مستقبل البحث في الأمراض الوراثية بالمملكة
يعمل الباحثون حاليًا على إنشاء شبكة بحثية قوية بالتعاون مع المستشفيات السعودية، بهدف تطوير أدوات تشخيص دقيقة للأمراض الوراثية، بما يساعد المرضى وأسرهم في الحصول على رعاية طبية أكثر كفاءة.