التحركات العسكرية الروسية في سوريا: إعادة تموضع أم بداية انسحاب؟
تشهد الساحة السورية تطورات لافتة مع تقارير تشير إلى انسحاب تدريجي للقوات الروسية من مواقعها العسكرية في شمال البلاد ومناطق استراتيجية أخرى. وعلى الرغم من ذلك، تؤكد مصادر سورية أن هذا الانسحاب لا يشمل القواعد الرئيسية مثل قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية والقاعدة البحرية في طرطوس، مما يثير تساؤلات حول أهداف موسكو وخططها المستقبلية في سوريا.
القواعد الاستراتيجية ودورها الحيوي
تعد القواعد الروسية في سوريا بمثابة العمود الفقري للوجود العسكري الروسي في منطقة الشرق الأوسط.
- قاعدة طرطوس البحرية: أنشئت عام 1971 وتُستخدم كمركز إصلاح وإمداد استراتيجي في البحر الأبيض المتوسط.
- قاعدة حميميم الجوية: تمثل منصة رئيسية للعمليات العسكرية الروسية في سوريا وأفريقيا، وتدعم أنشطة المرتزقة التابعين لموسكو.
تم تأمين عقود طويلة الأمد لهذه القواعد، مثل عقد الإيجار المجاني لمدة 49 عامًا لقاعدة طرطوس، ما يعكس الأهمية التي توليها روسيا لهذه المواقع في تعزيز نفوذها العالمي.
إعادة تموضع أم انسحاب؟
رُصدت تحركات لوجستية لافتة للقوات الروسية في سوريا خلال الأسابيع الماضية، منها:
- مغادرة طائرات شحن روسية من طراز أنتونوف إن-124 قاعدة حميميم.
- رصد سفن روسية في البحر الأبيض المتوسط بالقرب من طرطوس.
تشير التقارير إلى أن روسيا تقوم بإعادة توزيع معداتها وقواتها، مع إرسال بعض المعدات والضباط إلى موسكو، في إطار إعادة التموضع. ويبدو أن هذه الخطوة تأتي تماشيًا مع التغيرات الميدانية والسياسية في سوريا.
التحديات والمصالح الروسية
مع الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، يثار الجدل حول مستقبل الوجود الروسي في سوريا.
- المصالح الاستراتيجية: روسيا لن تتخلى بسهولة عن قواعدها في سوريا، التي تمثل نقطة ارتكاز لتعزيز نفوذها في المنطقة.
- التحديات السياسية: الحفاظ على وجود عسكري قوي يتطلب علاقة مستقرة مع الحكام الجدد، وهو أمر قد يكون محفوفًا بالتحديات في ظل التقلبات السياسية.
وجهات نظر محلية متباينة
الوجود الروسي في سوريا قوبل بآراء متباينة من السوريين:
- يرى البعض أن روسيا تدخلت بشكل مباشر في شؤون سوريا الداخلية، سواء في عهد الأسد أو قبله.
- آخرون يعتقدون أن موسكو لعبت دورًا في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، خاصة خلال الحرب الأهلية.
- ومع ذلك، هناك شبه إجماع بين السوريين على رفض أي تدخل أجنبي، سواء كان روسيًّا أو إيرانيًّا.
مستقبل الوجود الروسي في سوريا
يبقى مستقبل القواعد الروسية في سوريا مرتبطًا بالتطورات السياسية والميدانية. على الرغم من إعادة التموضع، يبدو أن روسيا لا تعتزم التخلي عن وجودها العسكري بسهولة. فالمصالح الاستراتيجية التي تربط موسكو بسوريا تجعل الحفاظ على هذه القواعد أولوية قصوى.